لم تنجح محاولات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، في لملمة أطراف أزمة التظاهرات، بعد أن عاقب وزراء القائمة العراقية بمنحهم إجازة إجبارية لمدة شهر وتكليف وزراء آخرين لإشغال مناصبهم بالوكالة، في وقت طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزراء قائمته بالامتناع عن تنفيذ هذا الأمر، وقد أصدر المالكي أوامره بتجريد حليفه السابق الشيخ أحمد أبوريشة، رئيس مؤتمر صحوة العراق، من عناصر حمايته وسلاحهم. من جهتها، تستعد اللجان المنظمة للاعتصام في محافظات العراق لإطلاق جمعة «شهداء الفلوجة» بعد أن كانت هذه اللجان قرّرت إطلاق تسمية «ارحل» على اعتصام غد الجمعة وأيام الجمع التي تليها حتى استقالة رئيس الوزراء نوري المالكي، إلا أن مصدراً مطلعاً في لجنة اعتصام الأنبار أكد ل»الشرق» أن اجتماع اللجان أمس انتهى إلى استذكار الأسبوع الأول على استشهاد سبعة من المتظاهرين في ساحة اعتصام الفلوجة، منوهاً إلى أن هذه الاعتصامات سوف تتواصل حتى رضوخ الحكومة لمطالبهم أو استقالتها. التعامل الإيجابي مع المظاهرات من جانبه، عقد القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي، اجتماعاً أمنياً موسعاً بحضور كل القيادات الأمنية في المحافظات، ونقلت قناة العراقية عن بيان لمكتب القائد العام للقوات المسلحة قوله «إن الاجتماع ناقش الأوضاع الأمنية بشكل عام وما يجري في بعض المحافظات». مؤكداً «حرص الحكومة والقوات المسلحة على التعامل الإيجابي مع المظاهرات والمتظاهرين»، ودعا الاجتماع الأجهزة الأمنية إلى «أخذ الحيطة والحذر ممن يحاول حرف المظاهرات عن مسارها الطبيعي»، محذراً أولئك الذين يحاولون التعرض للمصالح العامة بأي شكل من الأشكال، بحسب البيان. يأتي حديث المالكي بالتزامن مع التصعيد الذي تشهده التظاهرات، وخاصة في محافظة الأنبار، بعد مقتل سبعة أشخاص وجرح أكثر من ستين آخرين من المتظاهرين بنيران الجيش العراقي، وأعلنت وزارة الدفاع على أثر ذلك أنها فتحت تحقيقاً عاجلاً ووعدت بمحاسبة المقصّرين من قوات الجيش، كما قرّرت تعويض ضحايا «الاحتكاك»، كما اتفقت مع محافظة الأنبار على سحب القوات العسكرية من الفلوجة في خلال 24 ساعة وتسليم المهام الأمنية للشرطة. وجودي بين أهلي وفي سياق ذي صلة، قال رئيس مؤتمر صحوة العراق الشيخ أحمد أبوريشة «إن وجودي بين أهلي والمطالبة بحقوقهم الشرعية أشرف لي من الوقوف بجانب رئيس الوزراء نوري المالكي وحمايته» بحسب تعبيره. ونقل مراسل صحفي عنه القول «إن تصرف الحكومة بتجريد حمايتي من السلاح، هو الاستهداف الحقيقي للرموز الوطنية في العراق»، وأضاف «وجودي بين أهلي والمطالبة بحقوقهم الشرعية في ساحة العزة والكرامة أشرف لي من الوقوف بجانب المالكي وحمايته». وكان مصدر في مجلس عشائر الأنبار أعلن أمس «أن الحكومة المركزية سحبت سرية الحماية المخصصة للشيخ أحمد أبوريشة رئيس مؤتمر صحوة العراق وجرّدتها من السلاح، فيما تكفلت عشائر الأنبار بحماية الشيخ أبوريشة رداً على قرار الحكومة المركزية بسحب سرية الحماية. وعزا المصدر قرار الحكومة هذا إلى «انتقادات الشيخ أبوريشة مواقفها السلبية من مطالب المتظاهرين، وبعد أن فنّد ما صرّح به مسؤولون في بغداد عن عودة تنظيم القاعدة للأنبار بعد انسحاب الجيش من الفلوجة». تصدير الأزمات للشارع حذّر النائب عن كتلة الأحرار جواد الحسناوي، من وجود أشخاص «لم يسمِّهم» متمرسين وممتهنين مهنة الأزمات، كرئيس الوزراء، وقال للصحفيين في مقر البرلمان العراقي أمس، إن «عدم حضور جلسات مجلس النواب يعطي ذريعة وحجة لتعطيل عمل البرلمان، وهذه مسألة خطرة جداً في هذا الوقت الحرج الذي يمر به البلد بمفترق طرق». واتهم الحسناوي كتلاً سياسية «بمحاولة تصدير الأزمات إلى الشارع العراقي»، مبيناً أن بقاء الأزمة على هذا الحال في الشارع سيجعل حلها صعباً». وطالب «جميع الكتل السياسية، ومن ضمنها القائمة العراقية والتحالف الوطني وائتلاف دولة القانون، بالحضور إلى جلسات البرلمان وإبعاد الشارع عن الأزمات، ومناقشة المشكلات السياسية وإعطاء الآراء حولها، رغم أن البرلمان أصبح ساحة للصراعات، لكن لا أن تُرحّل الأزمات». وكانت القائمة العراقية قرّرت اقتصار حضورها جلسات مجلس النواب على التصويت للقوانين التي تهمّ المتظاهرين، وذات البُعد الاستراتيجي فقط. رفض تسلم مناصب وزراء من جانبه، دعا النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك، السياسيين إلى الاقتداء بالصدر برفض تسلم مناصب وزراء القائمة العراقية، وأضاف «أن إيعاز الصدر لوزراء تياره بعدم تسلم مناصب وزراء العراقية يدل على الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية، ويدل على أصالة هذا الرجل وتفانيه من أجل وحدة العراقيين». وكان الصدر أوعز لوزراء التيار الصدري بعدم تسلم أي منصب وزاري تابع لوزراء القائمة العراقية، الذين قرّر رئيس الوزراء نوري المالكي منحهم إجازة مفتوحة، مؤكداً على أنه «ليس من حق رئيس الوزراء نوري المالكي إعطاء إجازة مفتوحة للوزراء كون مجلس الوزراء لا يوجد فيه نظام داخلي منذ سبع سنوات يتيح له هذا الأمر». استبدال المالكي بدوره، دعا النائب عن التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي، التحالف الوطني إلى استبدال المالكي، مشيراً إلى أن المالكي يعدّ الجزء الأكبر في الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد، بسبب التصرفات الفردية التي يتخذها المالكي في إدارة الحكومة سواء في الشق المدني أو العسكري، إضافة إلى أنه فشل في تقديم ما هو مطلوب في العملية السياسية والحكومة، لذا عليه أن يتنحى، وإذا لم يتنحَّ على الإخوة في التحالف الوطني أن ينحّوه، لكي يتمكن العراق من تجاوز مرحلة الخطر التي يعيشها. رجل دين يحاول تهدئة المتظاهرين خلال الاشتباكات مع الجنود في مدينة الفلوجة (إ ب أ)