يناشد بعض المعلمين وزارتهم بإعادة هيبتهم! كم مرة نقرأ مثل هذا العنوان سواء في الصحف الإلكترونية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو في المنتديات التعليمية. والسؤال الذي يطرح نفسَه: ما هو مفهوم الهيبة عند هؤلاء المعلمين؟! هل الهيبة بمفهومهم تزويدهم بالعصيِّ وأنواع الأسلحة، وإعطاؤهم دورات تدريبية في الدفاع عن النفس؛ لأنهم سينزلون في ساحة عراك مع الطالب، وأنَّ عليهم الحفاظ على هيبتهم من خلال هذه الوسائل الدفاعية؟! من يعتقد هذا المفهوم فإنه يحتاج لإعادة تأهيل في المجال التربوي، كما أنه ليس بمقدور أي جهة أن تجعل المعلم مهاباً أمام طلابه، وليس هناك علاج سحري لهذه الظاهرة مالم يسعَ المعلمُ لبناء هيبته بنفسه؛ فالثَّراء المعرفي والثقافي من مقوِّمات الهيبة. فليس طالب اليوم كطالب الأمس؛ فمصادر المعرفة لطالب اليوم متنوعة وكثيرة، لذلك فإن على كل معلم أن يكون في سباق مستمر مع التحديات المعرفية والثقافية المحيطة به ليقف على أرض صلبة أمام طلابه. كما أنَّ من مقومات الهيبة أن يكون المعلم صبوراً في تعليمه مع طلابه ومتفهماً لظروفهم المادية والاجتماعية، ومُلماً إلماماً تاماً بمادة التخصص، ومثقفاً، ومخلصاً، وقادراً على ضبط النفس وأخلاقه حسنة، ولدية رغبة في التدريس، ويحترم ويحب تلاميذه، وقويَّ الشخصية، ومهتماً بمظهره، وذا أسلوب تربوي حديث، وتقياً يخاف الله، وصادقاً وحليماً ورحيماً، ومتفرغاً لعمله، ويأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية، وقدوة حسنة لتلاميذه، ومرناً، ومرحاً، ويشجع تلاميذه على التعلم، ويعطي لهم الأمل، ومتواضعاً في تعامله من غير ضعف. أجزم لمن اتصف بهذه الصفات وهم كثير ولله الحمد بين معلمينا الأفاضل بأنه سيكون مهاباً داخل مدرسته وخارجها، ولن يلجأ للمناشدة بعد اتِّصَافه بهذه الصفات.