صديقي المطوع: أعلم جيداً أنك تسمعني وتقرأني وتهتم لي بصفتي صديقك، وتشمئز أحياناً من أحرفي، وتبادرني بصراحتك المعتادة في وجهي، وتذهب للتعليق على المقال بوجهٍ غير الذي قابلتني به، أُدرك أيضاً أنك أكثر استقامةً في الظاهر منِّي، وتستدل بالنص في كل صغيرة وكبيرة، وتتمادى لتصل إلى تكفير التفكير، وتعتقد أن الجنَّةَ باسمك، فهي منحة لكَ أو أرض قمت ب «تشبيكها»، وترمي من يخالفونك في نار وقودها الناس والحجارة، ولا تقف عن هذا الحد، بل إنك تملك في الدنيا أضعافاً مضاعفة مما يملكه الفقير إلى الله «أنا»، و قيمة البشت الذي تلبسه يعادل قيمة كامل ملابسي التي عليَّ والتي في خزانة ثيابي، وأعلم أنك تملك في أرصدتك ما الله به عليم من أموال، غير الودائع «الإسلاموربوية» التي تأتيك بالشيء الفلاني سنوياً، ومع هذا كله فأنت تتصدر مجالس الأغنياء والوجهاء، وتقدِّم نفسَك مرةً أنك واعظ، ومرة تفسِّر الأحلام ، ومرة تظهر كمُفتٍ، وأنا – والله أعلم – لا أملك من مواهبك التي تشبه مواهب «ميسي» شيئاً. صديقي المطوع: أخاطب عقلك؛ لعل عقلك يسمعُني، فقد سمعتك كثيراً، وأتمنى أن تسمعني لبرهة، أنا – يا صديقي – مثلي مثل ألوف غيري، تربَّينا على أن الدين أساس حياة ومنهج معيشة، مجتمعنا كوَّن شخصيتنا على هذا الأساس، وتعلَّمنا في مناهجنا «العتيقة» أن الذي يستغل أمراً في تحقيق غاية دنيوية، هو باحث عن مصلحة، متمترس خلف غاية، تنتهي بانتهاء تلك الغاية؛ لذا فقد كان منهجي ومنهج غيري واضحاً مبنياً على الوضوح والصراحة وترك المحرَّم والابتعاد عن المتشابه من الأمور، وهذا ما فرَّق منهجي عن منهجك، أنا وضعت أجمل الأشياء وأنبلها كهدف حياة، وأنت استغللتها بطريقة أقلُّ مايقال عنها إنها بشعة جداً وتدعو للاشمئزاز، ولا أخفيك سراً أن المنافقين في عهد الرسول كانوا يضعون الدين غاية لهم لحماية أموالهم وأنفسهم، وها أنت يا – صديقي – تضع الدين غايةً لمصلحةٍ، باركت رصيدَك، وجعلتك تتزوج كل يوم من امرأة، وتتقرب من كلِّ وجيه. صديقي المطوع: ما تقوم به من عمل غير نبيل هو نتاج ثقافة جعلت من الجميع ينظرون لك كقدوة، وجعلت منك مثالاً يُحتذَى به، وحتى عندما تسرق في خطبك من الكتب الشهيرة تجد مَن يدافع عنك ويصنع لك العذر حتى قبل الخطأ، فيا صديقي: لماذا لا تصنع للناس «عذراً» في أخطائهم؟، ولماذا تؤلِّب دائماً على الآخرين؟، ولماذا لا تحرم الأموال التي حصلتَ عليها بغير وجه حق إلا لأنك «الشيخ.. فلان»؟.. يا صديقي: ستدرك يوماً أنك كنت تطرد خيط دخان، مثلما قال نزار قباني الذي تبادله العداء، وتشتمه في كل خطبة من خطبك، فما تقوم به سيأتي اليوم الذي تدفع ثمنه، إن لم يكن اليوم ففي يوم من الأيام. إضاءة: الطريق إلى تحقيق الأحلام والتغيير طريقٌ طويل تقف في وجهه العثرات، شخصياً، ابتسمت قبل يومين وفرحت بصورة وصلت من مكتب جدة عن متحف بحري سيفتتحه أمير المنطقة، بدون تردد وضعت الصورة في الصفحة الأولى؛ فهذه المشاريع تحتاج إلى إبراز إعلامي ، تذكرت متحفاً مائياً زرته في الكويت عام 2005، كنت مذهولاً جداً من استغلال مثل هذه المتاحف سياحياً واقتصادياً، وكنت أمنِّي نفسي بأن يكون في كل مدينة من مدننا الساحلية مثله، وها قد تحقق الحلم.