إن أول دستورٍ ليبراليٍّ في «ألمانيا» كانَ محرّرُه (هيجل) المتوفي في 1831م فيلسوف «المطلق» وصاحب «فينو مينولوجيا الروح» ذلك الذي صَنعَ سفرَهُ الأثيرَ «مبادئ فلسفة الحق» ثم ما كانَ منه إلا أن انكفأَ على المشهدِ السياسيِّ منشغلاً بالحراكِ الذي كان يلفُّ ألمانيا كلّها فلم يلبث أنْ أخرجَ لنا «كتابات سياسية» وكانَ من شأنِها أن أجبرتنا على الاعتقادِ جزماً بأنّ مكثَ الفلاسفةِ في «بروجهم العاجية» لا يعدو أن يكونَ كِذبةً كبرى! على أيّ حالٍ: فمِن خِلال «هيجل» وسواهُ مِن أساطين الفلسفة راحَ: (ف. شاتلي) صاحبُ كتابِ «الوضع الراهن لمسألة تاريخ الفلسفة» يقطعُ بأنَّ: «تاريخاً للفلسفةِ هو بالضرورة تاريخٌ سياسيٌّ»! عطفاً على ذلك فيسعُني القول: إنه ما من أحدٍ من كبارِ الفلاسفة ممن كانوا قبلَ «هيجل» أو مِمّن جاءوا مِن بعدهِ قد تنبأ منهم أحدٌ بشأنِ تلك «الثورات» التي كانوا قد عاصروهَا، وذلك أنّها قد فاجأتهم كما قد فاجأت سواهم! وبرهانُ ذلك أنّ: «فولتير» و«روسو» لم يتوقعا بالمرةِ حدوث: (الثورةِ الفرنسيةِ) الأمر الذي قد أبانا عنه فيما قد كتبَاه آنذاك. على الرّغمِ من أنَّ : «ثوار الباستيل» قد هتَفَا باسميهما! وفيما كانَ: «سارتر» منتشياً في سياقِ تبشيرِهِ ب«الثورة الستالينيّةِ» رأينا: «ميشال فوكو» يتجرّعُ حنظلَ الوهم يومَ أن رأى في: «الثورةِ الإيرانيّةِ» تمرُّداً و… و… واضعاً فيها كلَّ رِهانِهِ الذي يوما بعد آخر نتأكدُ من خسرانِهِ التّام. أمّا ثورةُ مضاربِ عُربانِنَا فاسألوا عنها إن شئتم: «قطر» وستنبئكم بأنّ فلاسفةَ ثوراتِنا يقطنون غرفاً في: «البيت الأبيض» قطر هي وحدهَا من قد تكفّلَ بسدادِ كلّ الفواتير. وثمّةَ حبلٌ ممدودٌ فيما بين: «عزمي بشارة» والقاطنينَ من الفلاسفةِ في غرف: «البيت الأبيض»!