قال المحامي عبدالله الفلاج إنه لا يبدو في الأفق ما يشير إلى حل مسألة تعلق القضايا في المحاكم، مشيراً إلى أنها مسألة متشابكة الأطراف وتظل أسبابها محل معاناة المحامين لأعوامٍ عدة، خصوصاً مع الكم المتزايد من القضايا الذي يصل للمحاكم يومياً، والذي يقابله عدد محدود من القضاة، ولفت إلى إحصائية حديثة تفيد أن هناك قاضياً مخصصاً لكل 33 ألف مواطن في المملكة؛ مما يدل على تفاقم الأزمة، الأمر الذي يتطلب تدخل المجلس الأعلى للقضاء بما له من صلاحيات تجعله فاعلاً في عملية الإسراع لإيجاد الحلول وحسم المسألة. كما أشار إلى تعمد كثير من الخصوم إطالة أمد القضايا لأقصى فترة ممكنة، وخاصة أولئك المدعى عليهم، وذلك حرصاً على كسب الوقت لصالحهم وتأخير الحكم المتوقع صدوره ضدهم، وهو عامل مرتبط بعدم تفعيل نظام التحضير؛ الذي يُسهم أيضاً في تعطيل البت في القضايا. ويوافقه الرأي المحامي عوض القحطاني، مضيفاً أن عدم انتشار الثقافة القضائية بين المتقاضين يؤدي إلى عدم معرفتهم بأمور كثيرة كالاختصاص المكاني والنوعي لقضاياهم، مما يؤدي إلى معاودتهم لتقديم هذه القضايا من جديد لتأخذ بالتالي فترات زمنية جديدة. الأمر الذي كان يقتضي لجوءهم ابتداءً إلى المحامين لقدرتهم على معرفة التصنيف الصحيح للدعاوى وإيجاد الاختصاص المكاني والنوعي لكلٍ منها. فضلًا عن عدم التزام المتقاضين بالموعد المحدد لنظر الدعاوى، مما يدفع القاضي إلى تأجيلها ومن ثم تراكمها. ويوضح الفلاج مدى الضرر الواقع على المحامين من تعليق القضايا، حيث إن البت السريع يساعدهم على تقليل النفقات في مراجعة المحاكم، وفي تشغيل الكادر البشري الموجود في مكاتبهم؛ على خلاف عدم البت الذي يؤخر تسلمهم باقي أتعابهم سنوات عدة حتى موعد الحكم، مما يؤدي إلى خسارتهم لاحتساب مؤخر الأتعاب بقيمة اليوم وليس بالقيمة التي كانت قبل سنوات عندما تم الاتفاق مع العميل وقبل الترافع في القضية، وهو ما يؤكد صعوبة استيعاب أن يكون المحامي أحد الأسباب في تأخير القضايا كما يظن بعضهم. ومن جهته، أوضح القحطاني مدى الدور الذي يلعبه المحامي في محاولة تسهيل سير الدعوى وحرصه على سرعة البت فيها، نافياً تماماً أن تكون له أي مصلحة في المماطلة وتعليق القضايا؛ مؤكداً أنه بأخذ عينات عشوائية من هذه القضايا المعلقة نجد أن 90% منها يتابعونها أصحابها بأنفسهم أو أشخاص موكلون لا يحملون صفة المحامي. ومن ناحيةٍ أخرى، أفاد الفلاج أن 65% من القضايا التي تدور في أروقة المحاكم تحتلها قضايا الأحوال الشخصية، على اعتبار أن البت فيها يؤدي إلى كثير من المشكلات الاجتماعية لارتباطها بشريحتين ضعيفتين في المجتمع هما النساء والأطفال. وفي نفس السياق، أرجع القحطاني السبب في كثرة تعلق هذه القضايا إلى حرص القاضي على أن لا يتسرع في النطق بالحكم أملًا في انصلاح الحال بين الزوجين؛ خاصةً في ظل قناعته الكاملة بضرورة أن لا يتم اللجوء إلى المحكمة في نظر قضايا الأحوال الشخصية إلا بعد أن تستعصي الحلول الودية كافة، مؤكداً على كونه وإن التمس الأعذار للقضاة في تأخير البت في مثل هذه القضايا؛ إلا أنه ضد التأخير الذي يضرّ بقضية المرأة. وأخيراً، يُجمل الفلاج الحلول التي يمكن الخروج بها من هذه الأزمة في زيادة عدد القضاة، والاهتمام بتدريبهم وصقل مهاراتهم حرصاً على سرعة الإنجاز، والتوسع في عدد المحاكم المتخصصة، وتوزيعها بشكل متوازن على مناطق المملكة المختلفة، على أن يُندب لها العدد الكافي من القضاة والمساعدين، فضلاً عن أهمية تفعيل نظام التحضير، وأن يتم وضع حد للشكاوى الكيدية والباطلة حتى لا تشغل وقت المحاكم، والتوسع في الأحكام الغيابية لسد باب مماطلة الخصوم في حضور الجلسات، فضلاً عن تبسيط الإجراءات القضائية بما يؤدي إلى تقليل عدد الجلسات إلى أقصى حد ممكن مع ضمان عدم الإضرار بأي من الطرفين المتقاضيين. عوض القحطاني