قد تختلط المشاعر أحياناً، وتمتزج الانفعالات، فتجد نفسك وأنت في قمة الفرح تنهمر دموعك، فتبكي من فرط السعادة، فالأم في ليلة زفاف ابنتها أو ابنها تجدها في لحظة ابتهاج تسح دموعاً سخينة تدعى دموع الفرح، والأب أيام زمان عندما كان الخريج يجد وظيفة حال تخرجه، كان ينزف دموع الفرح عند تخرّج أحد أبنائه، وفي حفل تخرجي رأيت أباً مكباً على ابنه يبكي فرحاً، لم أجد بداً من أن أجاوبه بضحكة ساخرة عندما تذكرت أني وحيد من عائلتي في حفل تخرّجي لأنهم لا يستطيعون الحضور لبعد المسافة ومشقة التكاليف. وعلى النقيض تماماً من دموع الفرح تأتي القهقهة من الأسى، وتحويل المأساة إلى تسلية، وتصوير المشاهد المحزنة والمفزعة على شكل كوميديا هزلية، هذا الانطباع الذي انسحب على الفن ككتابة أو تأليف مسرحي وسينمائي، فكانت أفضل الأعمال الكوميدية العربية في نظري والتي تقطر أسى مسرحية ضيعة تشرين، وفيلم الحدود وفيلم التقرير، ومن أعظم الكتّاب سخرية الكاتب محمود السعدني وجلال عامر رحمهما الله، وخالد القشطيني، ومشعل السديري وخلف الحربي. أعتقد أن أولئك القلائل ممن يملكون روح الظرافة في أكلح الظروف فيحيلون النكبة إلى نكتة، والمأساة إلى ابتسامة، ويقتحمون «التابوهات» بالسخرية اللاذعة، أولئك هم من يضخون في أجوائنا المختنقة بالفساد والهزائم والنكسات والتلوثات الاجتماعية «أوكسيجينا» نقيا، ومرحاً منعشاً من الفكاهة بينما قد لا يجدونها في دواخلهم.