ينتظر التونسيون التعديل الوزاري المقبل الذي من شأنه أن يحد من التجاذبات السياسية في تونس، ويهيئ البلاد للانتخابات القادمة بالتوازي مع العمل على احتواء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس، والتي وصلت إلى حد بدأ الشارع التونسي يتحدث فيه عن قرب إفلاس الدولة. وتشيرالأرقام والمعطيات المتعلقة بالشأن الاقتصادي في تونس إلى صورة قاتمة عن مستقبل البلاد، خاصة في ظل الصراعات السياسية القائمة. فقد ارتفعت نسبة التضخم في تونس خلال شهر ديسمبر الماضي إلى 5.9% مقابل 5.5 % خلال شهر نوفمبر الذي سبقه، و5.3 % في شهر أكتوبر من عام 2012. وأرجعت بيانات للمعهد الوطني التونسي للإحصاء هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 8.4 %، مقارنة بشهر ديسمبر عام 2011، حيث سجَّلت أسعار اللحوم نمواً بنسبة 13.9%، وأسعار الحليب ومشتقاته بنسبة 11.3 %، كما شهد مؤشر أسعار الملابس ارتفاعاً بنسبة 7.7%. حكومة وفاق ودعا الباجي قائد السبسي، رئيس حزب نداء تونس، إلى تشكيل حكومة توافق وطني موسّعة تضم جميع التيارات السياسية للمرور من هذه المرحلة الصعبة على حدّ تعبيره. وعدّد السبسي المشاكل الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، والتي تفاقمت بعد الثورة منها البطالة والفقر والتدهور الاقتصادي بسبب الاعتصامات والإضرابات، مشيراً إلى أنَّ هذه الفترة الانتقالية لا يمكن أن تنجح إلا إذا سادت روح التوافق مختلف الأحزاب السياسية. وبيَّن السبسي أنَّ التوافق الوطني سيُمهِّد الطريق نحو إنهاء الاحتقان السياسي، وعودة المستثمرين إلى البلاد وتوفير مواطن الشغل. وأضاف أنَّ الأزمة الاقتصادية العالمية كان لها أثر سلبي على الوضع في تونس التي لا يمكن أن تعيش بمعزل عن العالم الخارجي. يذكر أن حزب نداء تونس يعتبر الخصم الأكبر لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة التي بدأت في الأيام الماضية سلسلة مشاورات واسعة مع أطياف المعارضة، مثل الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي، وهما من الأحزاب الحليفة لنداء تونس، الأمر الذي رآه البعض بمثابة محاولة دق إسفين بين هذه الأحزاب وحزب الباجي قايد السبسي، خاصة إثر اللقاء الذي جمع أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري بزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي عرضت فيه النهضة على «الجمهوري» الانضمام إلى التحالف الحاكم والمشاركة في التعديل الوزاري. التغيير الوزاري من جانبه، ذكر عضو مجلس شورى حزب حركة النهضة الحبيب اللوز، أنّه تمّ طرح مسألة التغيير الوزاري بين حركة النهضة وشركائها في الائتلاف الثلاثي، ومع أحزاب أخرى. وقال اللوز «هناك تصويت داخل الحركة حول من نقبل أن يبقى في الحكومة، وحول الأطراف التي يجب ألا تبقى»، مشيراً إلى أن هذا التصويت أوّلي، والقرار النهائي لا يتمّ إلا بالاتّفاق مع الحلفاء. وبخصوص مسألة التغيير الوزاري، قال اللوز: «سمير ديلو لن يغادر الحكومة، وسيبقى وزير حقوق الإنسان، ومهمّة الناطق الرسمي سيستغنى عنها، وسيكون هناك منسّق عام داخل الحكومة بدله، قد يكون محمد بن سالم». وعن رفض أحمد نجيب الشابي الدخول في الائتلاف الحاكم، قال حبيب اللوز «نحن عرضنا على الشابي وزارة الخارجيّة، لكنّه رفض الدّخول في اتفاق لا يشرّك فيه كلّ الأطراف، وكان يقصد حزب حركة نداء تونس، ونحن (حركة النهضة) حسمنا أمره؛ إذ نرفض أن نتفاعل سياسيّاً مع نداء تونس». وبخصوص رفيق عبد السلام وزير الخارجيّة الحالي، أكّد اللوز أنه لن يتمّ التّخلي عنه، وقال «نحن كنا حريصين على أن يبقى هذا الرّجل في الحكومة؛ لأنه نزيه وفعّال وناجح، وحتى إن قبل أحمد نجيب الشابي بوزارة الخارجيّة فالأخ رفيق سينقل لوزارة أخرى». زوبعة في فنجان أما رفيق عبدالسلام وزير الخارجية التونسي، فقد وصف الجدل السياسي والإعلامي الكبير الذي أثير مؤخراً في تونس حول ما سمي ب «قضية الشيراتون» بأنه «زوبعة في فنجان». وقال في تصريحات له «هذه مسألة مفتعلة من أولها إلى آخرها، وهي جزء من الاستهداف الإعلامي والسياسي لوزير الخارجية ولهذه الحكومة، حتى يشغلونا عن ضرب مواقع الفساد والمفسدين». وكانت مدونة اتهمت عبد السلام بإهدار المال العام، كما أثيرت على هامش الموضوع قضية حول أنه دفع تكلفة غرفة لامرأة صرح بعدها بأنها قريبته، ثم رفع الوزير قضية ضد المدونة التي نشرت الموضوع، وكذلك فندق «الشيراتون» بتونس. وحول الوضع في تونس، قال وزير الخارجية إنه :»ليس من المنتظر أن تحصل تغييرات اقتصادية وتنمية كبيرة خلال ستة أشهر، أو سنة، أو سنتين». وأضاف «نكون غير صادقين أو واقعيين مع شعبنا وأنفسنا إذا قلنا إننا يمكن أن نحل هذه المشكلات التي تراكمت لعقود طويلة في ظرف وجيز».