بسبب الفقر؛ يُكتب على الفراشة أن تنام بين أحضان ديناصور، وبسبب الجهل ترتفع أغاريد الاغتصاب الشرعي دون أن يشعر السيد الذي عقد قرانها -بعيداً عن الحكومة- بأي ندم. في بيوت الصفيح والقش الضحية دائماً هي فراشة ملونة، والجاني المعتاد هو ديناصور ثري ومأذون نكاح لا تعنيه الضحية، هكذا جرت وتجري العادة في بيوت المنسيين بجوعهم. إذ لا صوت يعلو هناك فوق صوت الفقر والحرمان. إنه العالم الذي يعيش على ضفافنا وبيننا ولا ندري عن مواجعه وآهاته شيئاً، والمدهش أننا نطالبهم باحترام حقوق البنات قبل أن نطالب لهم برغيف الخبز وجرعة الدواء، ونرسل لهم مندوب حقوق الإنسان قبل مندوب الضمان الاجتماعي، ونحاسبهم على جهلهم قبل أن نبني لأطفالهم بيوتاً تسترهم من الضياع والتشرد! شريفة هزازي ليست بدعاً مما يحدث يومياً في تلك البيوت من ويلات، وربما لو صمتت -كغيرها- ونامت في أحضان الديناصور ليلة العرس لما سمعتم بحكايتها من الأساس، مثلما لم تسمعوا بكثيرات غيرها ممن ذهبن ضحية صفقات مماثلة. المشكلة ليست في الديناصور المتصابي، ولا في الفراشة الملونة، بل في احتياجات بيوت القش التي لا تمرّ بها أجهزة الحكومة إلا بعد مأساة، وربما لاتمرّ بها أبداً إلا حينما تريد رفع تقارير عن إنجازاتها المكذوبة، اسألوا أين الضمان الاجتماعي بجازان؟ وأين الجمعيات الخيرية؟ وأين تذهب الزكاة التي يخرجها تجار جازان؟ والد شريفة ارتكب جريمة كما أعتقد، لكن لا تسألوه عن جريمته قبل أن تعرفوا من المتسبب فيها؟ اسألوا الفقر أولاً ولا تمسكوا برقبة الفقير. أرسلوا له خبزاً ودواء وابنوا لأطفاله بيتاً، ثم حاسبوه!