حاتم بن عيد الشراري نتمنى ألا يحتاج المواطن السعودي أن يبحث عن العلاج خارج منطقته ولا حتى خارج الوطن بعيداً عن أهله وأحبابه كي يتلقى العلاج المناسب والرعاية الصحية. هذه الغاية يجب أن تكون هدف جميع المُهتمين بشأن تطوير الخدمات الصحية. لأنه من حق المواطن السعودي أن تُقدم له هذه الخدمات في مدينته. تُعتبر الخدمات الصحية مصبّا لاهتمامات الجميع. لذا فقد أُغدِقَ عليها من المليارات ما يكفي لبناء نظام صحي احترافي يُضاهي باحترافيته الدول المتقدمة. المليارات التي مُنحت لوزارة الصحة في السنوات الماضية حريُّ بها أن تجعل الخدمات الصحية المقدمة في أعلى معايير الجودة. ولكن …! يا حسرةً! فمازال المواطنون ينكبون على المدن الكبيرة لتلقي العلاج والبعض يبحث عن فيتامين «واو» كي يحظى بفرصة العلاج في الخارج. والأدهى والأمرّ أن يُسافر المواطن خارج المملكة لتلقي العلاج وذلك من حسابه الخاص. أين صُرفت تلك المليارات؟! لماذا لا نكون في مصاف الدول المتقدمة في الخدمات الصحية؟! لماذا لا نكون نبراسا يُحتذي به في جودة الخدمات الصحية. هذه المليارات من شأنها الارتقاء بجميع القطاعات وليس فقط القطاع الصحي. هذا هو واقع الخدمات الصحية في مملكتنا الغالية ولكن عزائي وأملي يكمن في اعتقادي أن القطاع الصحي يسير في الطريق الصحيح وفقاً لما نشاهده كمواطنين عبر وسائل الإعلام من مشاريع صحية ونهضة عمرانية صحية ورؤى مستقبلية نيرة من شأنها أن تُسهم في دفع عجلة التقدم على صعيد الخدمات الصحية والرعاية الطبية المقدمة. ففي السنة الماضية دشن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – عددا من المدن الطبية والمشاريع الصحية كما وضع – أيده الله – حجر الأساس لمشاريع مستقبلية يفخر بها كل مواطن سعودي. ولكن ما يتبادر للأذهان هنا هو كيف ستدار هذه المدن الطبية والمستشفيات الحكومية. إننا نجزم بأنها سوف تكون مهندسة بشكل مشرف يبعث الأمل للمواطن ويبهر الزائر من خارج الوطن. ولكن بيت القصيد هنا هو الخدمات التي سوف تقدم من خلال هذه المباني الشاهقة والمساحات الشاسعة. نحن لا نشكك في قدرات أبناء الوطن ولكن نعجب كيف تتم إدارتهم وشحذ هممهم واستثمار عقولهم. فمشاريع بهذه الضخامة يجب أن لا يتم تشغيلها بالطرق التقليدية التي كانت تشغل بها وزارة الصحة مستشفياتها سابقاً وحالياً. مثل هذه النقلة (الطفرة) في القطاع الصحي يجب أن تستغل بأن توضع لها الخطط المُحكمة وتُحدد لها معايير دولية تُضبط من خلالها جودة الخدمات الصحية المُقدمة. لا نريد أن يقترن نجاح مدينة طبية أو فشلها بكفاءة ونشاط مديرها التنفيذي. ما نطالب به وزارة الصحة هو تشكيل مجلس رقابي لمتابعة خُطط تنفيذ المدن الطبية والمستشفيات الحكومية. المجلس الرقابي معني بمتابعة ومراقبة مراحل إنشاء المدن الطبية حتى مراحل التجهيز والتشغيل. وذلك لضمان أن هذه المدن يتم تشغيلها وفق المعايير الدولية للمنشاّت الصحية. لا نريد تفاوتا في جودة الخدمات المقدمة كما لا نريد أن تنجح وتتميز مدينة طبية دون الأخرى. ما نريده هو أن جميع هذه المدن والمستشفيات تُقدم رعاية طبية متكاملة للمريض حسب البروتوكولات الطبية المعتمدة دولياً. ليحظى المواطن بخدمة صحية مُجوّدة. في الواقع لقد أجرى وزير الصحة بعض التغييرات الإدارية التطويرية التي تصب في مصلحة المريض. هذه التغييرات جريئة ولا يجريها إلا قيادي وصانع قرار. من هذه التغييرات الهيكل التنظيمي للوزارة، توحيد سلم الرواتب، بدلات للكادر الصحي، الحرص على الكفاءات الإدارية في قيادة قطاعات الصحة … إلخ. مثل هذه القرارات والتغييرات لن يلمس جدواها وفائدتها المريض والوطن في الوقت الحاضر لأنها أهداف بعيدة المدى و ذات نظره واسعة الأفق. إن القطاع الصحي مقبل على نهضة في جميع مدن المملكة. وسوف – بإذن الله – يشار له بالبنان إذا تضافرت الجهود و أُخلصت النيات وتم وضع الخطط الاستراتيجية الصحيحة المناسبة وتنفيذ ما تم رسمه. ولا نتجاهل أهمية الكادر البشري الذي يُعد من أهم لبنات القطاع الصحي. الذي يمكن الحصول عليه بالتدريب، والابتعاث، والاستقطاب. فالقطاع الصحي ليس كباقي القطاعات فهو حساس بحساسية الخدمة المقدمة والشريحة المستهدفة. فيجب عدم التهاون في أي شيء من شأنه عرقلة هذه العجلة وإهدار الثروة المخصصة لهذا القطاع الحيوي.