يقرأ الأديب منيف خضير هذه الأيام كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد، الناقد والكاتب الأمريكي المعروف الفلسطيني الأصل، فهذا الكتاب منحه شهرة عالمية واسعة. والاستشراق من منظور سعيد ليس مجرد تاريخ وشخصيات وأحداث تنسج من منظور استشراقي غربي، بل هو قراءة تحليلية تسبر أغوار الثقافة الإنسانية حينما تغدو مسيطرة وتلون الأشياء في طريقها بلون المنتصر الذي لا يحاسب كثيراً على مصداقيته إن فقدت. وفي الغالب، يقرأ خضير من ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً، تبدأ بعد صلاة الفجر في الغالب، وفي الإجازات تطول فترة القراءة بحسب قدرة المؤلف على جذبي للكتاب، فالكتاب الجيد يحدد وقت القراءة كيفما يشاء! ولا يفضل خضير وضع علامات على الكتاب «لا يزعجني شيء أكثر من الكتابة، أو التلوين، في الكتاب؛ أشعر أن الكتب وثيقة يجب المحافظة عليها نظيفة للأجيال المقبلة «تختلف طريقتي في القراءة حسب هدفي، ففي الروايات، مثلاً، والقراءات الأدبية عموماً، أفضل الكتابة على ورق خارجي أدون فيه أبرز الملحوظات والأبيات الشعرية والمقولات والآراء النقدية التي تعجبني، إن كان ثمة رغبة في الكتابة النقدية عن النص المقروء، أما القراءة للتسلية والاطلاع فأترك فيها العنان لبصري وعقلي للتجول بحرية على صفحات الكتاب، ولا أتساءل عن كيفية القراءة». وعلق على إجابة بعض الناس أن آخر كتاب قرأه هو القرآن الكريم، بأنه «حسن تخلص»، كما يقول النقاد، والحقيقة أن معهم كل الحق، فالقرآن الكريم هو آخر ما يقرأه المسلمون دائماً، وأشعر أن إجابة مماثلة ربما سأقولها عن القرآن الكريم، ولكن ليس من باب حسن التخلص، فالقرآن الكريم كتاب عظيم تأثرت به، وماأزال، فهو يحوي كل المعجزات بأسلوب محكم لا تقرأ له مثيلاً. وأضاف: سأكتفي بالدلالة على ذلك أن أطرح سؤالين: أولاً: هل سمعت في حياتك عن كتاب مكون من 604 صفحات يستطيع ملايين البشر على هذه الكرة الأرضية حفظه غيباً؟ في المقابل، قد لا تستطيع حفظ نصف مقالة تكتبها أنت، وتتألف من 700 كلمة، أليس كذلك؟ ثانياً: هل وجدت كتاباً في هذا العالم يمكن أن يرتل بأكثر من طريقة؟ وهل وجدت مقرئاً يشبه الآخر؟ فالسديس تلاوته تختلف عن عبدالباسط عبدالصمد، وقس على ذلك المئات والملايين. وهذا من أسرار هذا الكتاب العظيم، فلماذا لا نتأثر به؟ ولكي نتجاوز هذه العلاقة الحميمية مع القرآن الكريم، سأذكر كتاباً قرأته في مقتبل العمر، ولايزال يترك أثره في مخيلتي، وهو كتاب «الأيام» لطه حسين، عميد الأدب العربي. وذكر أن أول كتاب قرأه كاملاً من اختيار غيره كان «بين يدي عمر» للكاتب الإسلامي خالد محمد خالد، أما الكتب التي اختار بنفسه قراءتها فكانت في وقت مبكر من المرحلة الابتدائية، لكنه لا يذكر منها شيئاً الآن، ومعظمها في مجال قصص الأطفال. وفي موضوع وسائل الإعلام التي يتابعها، وعلاقتها في رفد قراءة الكتب، قال «نعود إلى حكاية البيضة والدجاجة، ومن خدم الآخر، ومن يرفد الآخر، الكتاب، أم الإنترنت، أم القنوات الفضائية، أم وسائل الإعلام الأخرى». ورأى هنا أنها جميعاً في فلك يسبحون «شخصياً، أعشق القنوات الوثائقية لدرجة الإدمان، وأجد فيها ضالتي بعيداً عن قنوات (الهشتك بشتك)، وبعيداً عن القنوات التي تتصدر نشرتها ب(لقي عشرة أشخاص مصرعهم..)؛ فالسياسة، والمسلسلات بأنواعها، والبرامج الاجتماعية الساذجة، لم تعد وجبتي المفضلة، أشعر أن برنامجاً عن الحيوانات، وعالم البحار، أكثر مصداقية من عشرات القنوات التي تعزف على أوتار أيديولوجيات ملَّاكها!». وعن الوقت الذي اعتاد فيه القراءة، قال «مع التطور الهائل في مجتمعنا السعودي، لم أعد أنام على بطني، وأرفع رجلي إلى الخلف لأكتب بقلمي الأزرق (أبو نص)، لقد تخليت عن هذا القلم، وأودعته جيب قميصي كشعار للثقافة و(التميلح) فقط، وأصبحت أصابعي أكثر اعتياداً على الKeyboard، وعلى شاشات الI Phone، أما متى أكتب، فأنا كائن نهاري، ولا أحب الليل، وأفضل الكتابة في رابعة النهار، ولكن مع الإجازات، وتحول المفاهيم، أصبحت أكتب في رابعة الليل!