أحمد دمّاس مذكور 2013م تتجلى عظمة مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) إلى تكوين اتحاد بين دول الخليج ودعوتهم لإنشاء وإقامة وحدة خليجية لتصبح هذه الدول أكثر فاعلية وأكبر قدرة على مقاومة الخطر القادم والذود عن بلادهم والدفاع عنها في ظل الحراك السياسي الخطير، والقدرة على التأثير فيه. خصوصا أن مجلس التعاون الخليجي منذ أن تأسس في يوم 25 مايو 1981م وإلى وقتنا هذا وهو لم يجنِ أي ثمار تذكر ولم يحقق أي أهداف ملموسة تُذكر، حتى في محنة غزو الكويت وحرب الخليج، لذلك كان يجب على رواد وقادة دول الخليج العربي البحث عن حلول تصنع من هذا المجلس درعا قوية ومتينة يحفظ سيادة وأمن وعزة وكرامة دول المجلس والذود عن أراضيهم خصوصا في ظل حراك سياسي لا يبشر بخير، يهدد أمن وخيرات المنطقة وسيادة أراضيها، ذلك ما جعل الملك عبدالله أكثر إصرارا على الإسراع في تفعيل دور دول المجلس وتحويله إلى اتحاد وطني في منظومة قادرة على استيعاب المتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم، فلم يأتِ ذلك الإصرار من فراغ؛ فالملك عبدالله بخبرته السياسية وعلاقاته الدولية وحنكته الفذة كان أكثرهم قراءة لتلك التّحولات والتقلبات السياسية والمتغيرات الإقليمية والدوليّة. إن فكرة الاتحاد الخليجي قامت على مبدأ مهم وجميل ورائع ومنطقي وفعّال، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم طريقة التغلب على مثل هذه الظروف والسيطرة عليها في قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ففي القرآن حالنا وحلولنا وكفى بكتاب الله دستورا. وفي كتب السيرة استعانت العرب بالحكمة الشهيرة في التغلب على الأعداء والطامعين ودحضهم، في أبيات نسبتها إلى المهلب بن إبي صفرة على الأرجح في قوله: (تأبى الرماح إذا اجتمعن تفرقا … وإذا افترقن تكسرت آحادا) ففي الوحدة قوة وعزّة، تجعلها سدا منيعا لكل من يحاول التعدي على سيادتها والتأثير في سياستها أو المساس بأمنها أو استنزاف خيراتها، لتصبح أكثر قوة و قدرة على مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، الاقتصادية والعسكرية بل والتأثير فيها، وإرهاب الطامعين فيها، والحد حتى من التفكير في الوصول إلى أراضيهم أو السيطرة على ممتلكاتهم، أو سرقتها. وكل ذلك ما يجعل من الاتحاد حاجة ماسة وضرورية تُمليها تلك التحديات. كما سيخلق هذا الاتحاد طاقة ديناميكية ذات فاعلية عالية ومتقنة في توحيد القرارات وضمان تنفيذها، بما يعود بالنفع والفائدة على مواطني هذه الدول، مع إزالة الحواجز بينهم وتعزيز روح التعاون وتوحيد كلمتهم، بما يعزز قوتهم ويجعلهم أكثر قدرة واستطاعة على مواجهة التحديات السياسية والتأثير فيها بفاعلية والدفاع عن حقوقهم خصوصا أن دول الخليج العربي تنتمي إلى دين واحد ودم واحد وتجمعهما عادات وتقاليد واحدة ومتقاربة وتشترك في المبادئ الأساسية لسلوكيات الفرد والمجتمع ويحتكمون لدستور إلهي واحد، هو ملهمها ومعلمها وهاديها لمبدأ الاتحاد، في الوقت الذي يكفل فيه هذا الاتحاد السيادة المستقلّة لكل دولة في دول الاتحاد وعدم التدخل في سياستها وشؤونها الداخلية، ويحفظ خصوصياتها. فهناك آلية شرعت قناة العربية ببث سلسلة تقارير توضح فيها كيف ستحافظ كل دولة من دول الاتحاد على سيادتها وخصوصيتها من خلال اتخاذ القرارات والتصويت على القوانين تماما كالاتحاد الأوروبي الذي يجمع بين دول أوروبا بما يخدم مصالحهم المشتركة. فمن يفكر بعمق وواقعية ويحللها تحليلا منطقيا سيجد حتما دور ذلك الاتحاد في الحفاظ على عزة وكرامة الشعب الخليجي ويكفل حقوقه ويحمي حدوده، لذلك أستغرب من تردد وقلق بعض دول الخليج من ذلك الاتحاد وعدم التعجيل في دراسة أهدافه، خاصةً أن هناك ما يحفظ سيادتهم ويكفل خصوصياتهم، ويرعى مصالحهم ويساهم في بناء مجتمعاتهم ويحقق أهدافهم. والخوف كل الخوف أن تطول المسألة.