سربت مصادر حكومية في السودان أنباءً عن اعتزام المعارضة تمويل متظاهرين بهدف الاحتجاج للإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير بعد فشل كل جهودها في تعبئة الشارع السوداني لإلحاق الخرطوم بالربيع العربي. وأفادت الأنباء أن زعماء المعارضة طلبوا من قوى دولية ساعية لإسقاط نظام البشير تمويلاً لشراء المتظاهرين – إن كانوا راغبين في إسقاطه -. وفشلت المعارضة السودانية، المعروفة بضعفها الشديد، في حشد الشارع السوداني خلفها وإقناعه بالتظاهر للإطاحة بالنظام، رغم توفر كافة مقومات الثورة في البلاد بدءاً من تردي الأوضاع الاقتصادية، مروراً بالاحتقانات السياسية والتفلتات الأمنية وغياب العدالة الاجتماعية، وصولاً إلى تسلط عناصر النظام النافذة وتلقفها كل الفرص الاستثمارية المتميزة، ومنها منجم «البوم» في أرض المحس. في المقابل، اعتبر رئيس حركة تحرير السودان «جناح السلام»، والعضو التنفيذي لكيان البدو في إقليم دارفور، إسماعيل الأغبش، أن المؤتمر الوطني الحاكم يريد تغطية عجزه وفشله خاصة في معالجة الأزمة الاقتصادية الحالية بإلقاء الاتهامات على المعارضين. ورأى الأغبش، في حديثه ل «الشرق»، أن المؤتمر الوطني يمر حالياً بأسوأ أزماته بعد فقدانه أهم ركائز السند، والمتمثلة في اتحاد العمال ذي القاعدة الجماهيرية الكبيرة، وأضاف «الحزب الحاكم فقد قطاع العمال بعد عجزه عن توفير الحد الأدنى للأجور، وفقد حتى حلفاءه في الأجهزة الأمنية والمجموعات الأخرى التي كانت تشاركه السلطة». ويعتقد الأغبش أن النظام بدأ يتهاوى، وأصبح آيلاً للسقوط في أي لحظة؛ «لذلك فهو في رحلة بحث دائم عن شماعة أخرى يعلق عليها إخفاقاته». في الوقت نفسه، صوَّب الأغبش سهام نقده للمعارضة السودانية التي وصفها بالضعف الشديد، وقال: إن الخارج لا يدعمها لعدم فعاليتها، وتابع «على العكس الخارج يدعم نظام البشير، أما حديث رموز النظام عن شراء متظاهرين فلا معنى له سوى أنه يبحث عن شماعة أخرى لوضع أخطائه عليها»، نافياً حصول المعارضة على دعمٍ من المجتمع الدولي. في سياقٍ متصل، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أم درمان الإسلامية، الدكتور آدم الدومة، «المحرض لا يقاتل»، واتهم، في تصريحاتٍ ل «الشرق»، أنصار المؤتمر الوطني بشراء المتظاهرين وحشد المؤجَّرين، مضيفاً «هم يعلمون جيداً أنه لا توجد جهة أخرى غيرهم تحرض الآخرين بالمال». وفنَّد الدومة اتهام النظام للمعارضة باعتزامها شراء متظاهرين، وقال «حجتهم حجة باطلة، والجماهير السودانية فطنة، ولا يمكن أن تعرض نفسها للموت والتعذيب لقاء المال»، واصفاً هذه الاتهامات بأنها «نتيجة للتخبط السياسي للمؤتمر الوطني». واتهم الدومة القائمين على النظام ب «الفساد وإنفاق أموال الشعب السوداني لبناء القصور في الداخل، وتحويل ما تبقى إلى الخارج»، واقترح حل الشركات الحكومية الخاسرة. بدوره، وصف زعيم تحالف المعارضة السودانية «قوى الإجماع الوطني»، فاروق أبوعيسي، الاتهامات الموجهة إلى المعارضة ب «التافهة»، وقال «السودانيون ليسوا عملاء، ولا يمكن شراؤهم بالمال؛ لأن السوداني معروف بالنخوة والكرامة، أما المعارضة فهي معروفة بأنها امتداد للحركة الوطنية التي قاومت الاستعمار، وقادت البلاد نحو الاستقلال، وساهمت في بناء السودان الحديث». وأكمل: «الذين يبيعون ويشترون في السودان وأهله هم هذه الحكومة التي باعت كل شيء وأهدرت أموال وموارد السودانيين». ورأى أبوعيسى أن النظام اعتاد إطلاق هذا النوع من الاتهامات «ولكن شعبنا يميز بين ما هو غث وطيب، والغث هو هذا النظام»، حسب قوله.