الرياض – يوسف الكهفي «الغصن الذي إذا هب عليه الهوى ولا مال ينكسر» أنتظر الفرصة المناسبة لإلقاء قصيدة بين يدي مولاي خادم الحرمين الشريفين بمناسبة شفائه القصيدة الوطنية لا تخلو من العاطفة والحب والغزل في الوطن والتلاحم مع آماله وهمومه جاء في مرحلة كنّا فيها بحاجة ماسة لمثل عطائه الشعري، وبمنهج واضح في التعامل مع الكلمة، منذ بداياته، استولى حب الوطن على شعره واهتمامه، فأبدع في التغني بحبه، ومظاهر تحضّره، ومواطن جماله، والإشادة بقادته من ملوك وأمراء، مشاركاً مجتمعه في كثير من همومه وآماله وتطلعاته. «الشرق» التقت «شاعر الوطن» المقبل مشعل بن محماس الحارثي: * هذا اللقاء هو الأول لك عبر وسائل الإعلام، وكل ما نعرفه عنك «قصيدتك» التي نتداولها. الفضول يدفعنا للتعرف أكثر على جوانب من حياتك. ماذا تقول؟ - ولدت في الرياض، وأتممت مراحل الدراسة فيها، وحصلت على نسبة عالية في نهاية المرحلة الثانوية، وتقدمت إلى الكلية الحربية، ولا أملك إلا معدل النجاح العالي. وبعد أن تخرجت تم تعييني في اللواء الثامن عشر في «خميس مشيط»، في المنطقة الجنوبية. ذهبت إلى تلك المدينة وأنا شاب أعزب مفارق لأسرته وأهله، لكنني سرعان ما اندمجت مع أهل تلك المدينة الجميلة بأهلها وبطبيعتها، فوجدت ناساً طيبين كرماء ومحبين. أحببتهم جداً، وبادلوني هذا الحب بأكثر منه. أول طموحي * كيف كانت انطلاقتك الشعرية، ولماذا لم تكن عبر النشر في الصحف والمجلات؟ - بدأت كتابة الشعر في سن مبكرة. كنت أتابع وأقرأ وأقول الشعر لمن هم حولي في تلك السن، وكنت أجد الإشادة والثناء، ولم أكن حريصاً على الظهور بقدر ما كان طموحي أن أنهي دراستي، وأدخل السلك العسكري. سلطان الخير * هل تعتبر خميس مشيط نقطة التحوّل في حياتك؟ - فعلاً، في خميس مشيط، وفي فترة وجيزة، تحقق لي كل ما كنت أطمح إليه، وشاء الله أن يزور الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، خميس مشيط، وكنت أعددت لتلك الزيارة قصيدة، منتظراً الفرصة لإلقائها أمام سموّه، وكانت القصيدة الحلم، ونقطة التحوّل في حياتي. ولما نالت إعجابه، وأثنى عليها، طلب من مدير مكتبه أن يخلّص إجراء نقلي معه، فتشرفت بخدمته وصحبته، وبقيت في خدمته إلى أن توفي، رحمة الله عليه. سلمان الوفاء * وماذا حصل بعد رحيل الأمير سلطان، رحمه الله؟ - بوفاة الأمير سلطان، فقدت أبي وقائدي وكل شيء بالنسبة لي، لكن ما حصل أنني حظيت بلفتة أبوية، وبادرة وفاء من رجل الوفاء الأول، سواء للأمير سلطان وأبنائه، ومن خدمهم، أو لأبناء المجتمع السعودي والعربي والإسلامي بشكل عام، فشملني عطف ووفاء سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وشرفني أن أنتقل معه بعملي نفسه، وهذا شرف عظيم، ووفاء أعظم. «وقفة الحظ» * في القصيدة الأولى التي ألقيتها أمام الأمير سلطان، كان الأمير خالد الفيصل موجوداً، ووقف إعجاباً بقصيدتك، فماذا كانت تعني لك وقفة رجل دولة، وقامة شعرية بحجم خالد الفيصل، وفي موقف يشرفه سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله؟ - لا أدري كيف أختصر لك تلك العبارة، أو أعبر لك عن ذلك الموقف. دعني أقل لك: إن وقفة خالد الفيصل في المنطقة الجنوبية، بعد قصيدتي الأولى أمام الأمير سلطان، كانت بالنسبة لي «وقفة الحظ»، فالأمير خالد الفيصل مدرسة في الشعر، وفي الإدارة. قصيدة «منى» * في العام الماضي تم تكليفك بقصيدة «منى»، التي اعتاد أن يعدها ويلقيها الشاعر خلف بن هذال. كيف كان شعورك وأنت تقف لأول مرة على منبر كان يقف عليه خلف بن هذال؟ - خلف بن هذال شاعر الوطن، ومدرسة أعتبر نفسي من تلاميذها. وتشريفي من ولاة الأمر بإلقاء القصيدة في هذا المحفل الكبير كان له أثر عظيم في نفسي. «شاعر الوطن» * يراهن كثيرون على مشعل الحارثي، ويعتبرونه «شاعر الوطن» المقبل، فماذا تقول في ذلك؟ - شرف كبير وأُمنية مشروعة يتمناها كل شاعر. * وما جديدك في الفترة الحالية؟ - انتهيت من كتابة قصيدة بمناسبة شفاء مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأنتظر الفرصة المناسبة لإلقائها بين يديه الكريمتين. وسبق أن تشرفت بإلقاء أكثر من عشر قصائد أمام مقامه الكريم. 48 ساعة * هل سبق أن تم تكليفك بكتابة قصيدة في موقف معين، وكان الوقت غير كافٍ لإتمامها وإنجازها؟ - لا، لكنني أذكر أنني كنت مع سيدي الراحل الأمير سلطان في المغرب، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قرر زيارة الحدود الجنوبية أثناء الحرب مع الحوثيين، وحينها شرفني الأمير سلطان بأن أعد قصيدة لهذه المناسبة، وأن أعود إلى المملكة وألقيها أمام خادم الحرمين الشريفين على الجبهة، وكانت المدة قياسية، حيث لم تتجاوز الثماني والأربعين ساعة بين سفري من المغرب والذهاب إلى الحدود الجنوبية وإعداد وإلقاء القصيدة، والحمد لله الذي وفقني بذلك، وأنجزت القصيدة في وقتها. منتهى طموحي * عرفت واشتهرت من خلال القصائد الوطنية. أين أنت من أغراض الشعر الأخرى؟ - القصيدة الوطنية لا تخلو من العاطفة والحب والغزل في الوطن والتلاحم مع آماله وهمومه، وكل شاعر تحصل له مواقف، فيكتب عنها قصائد عاطفية واجتماعية، لكن ما كل منبر يحتمل كل أغراض الشعر، والأكيد أن لدي قصائد اجتماعية وقصائد عاطفية، ف «الغصن الذي إذا هب عليه الهوى ولا مال ينكسر». وبالنسبة للنشر من خلال الصحف، أو المجلات، أو الظهور من خلال القنوات، فقد تلقيت دعوات من عدد من القنوات البارزة، وكنت حينها لا أرغب في الظهور في مقابلة تليفزيونية، أو صحفية، حتى أصل إلى مبتغاي. الشرق بادئة * وما كان مبتغاك، أو هدفك؟ - أن أظهر من خلال منبر بحجم منبر «منى»، دون أن يكون لي أي ظهور إعلامي سابق، فهذا اللقاء معك هو الأول لي من خلال وسائل الإعلام. وعندما أبلغتني أن من كلفك بالاتصال بي وطلب المقابلة هو الأستاذ قينان الغامدي، لم أستطع الرفض، لمحبتي وإعجابي بهذا الرجل، وهذه الصحيفة، وأتمنى أن لا يُفهم من هذا أن هناك حواجزاً بيني وبين الأصدقاء الإعلاميين، ووسائل الإعلام الأخرى. على العكس، يسعدني أن أتعاون مع الجميع. مشعل الحارثي