يا مَنْ تتنزهُ في هواءٍ مستعمل.. أمِا آنَ لكَ أن تتحسسَ رئتيكَ جيداً؟ وأن تكفَّ عن إطلاقِ سعالِكَ المباغتِ، سعالِكَ الذي يوقظُ النائمين، ويُضْجرُ -طويلاً- نسوةَ السهر.. 2 ويا مَنْ تغشى حدائقَ تُروى بماءٍ آسن أمَا آنَ لكَ أن تُحْسِنَ النزهةَ، وأن تنتخبَ لها الأماكنَ النظيفةَ كدمعِ العين؟ 3 وأنتَ، يا مَنْ تغفو في الغبارِ، متطامناً وتحلمُ بسرب النسائم، من أين جئتَ بصبركَ الجميل؟ 4 ويا أيُّها السائرُ في المعمعة.. يا مَنْ تقودُ قطيعَ الأحلامِ، كلّ صباح، إلى أينَ تمضي؟ وأنتَ المحَاصَرُ بالدخانِ، والفيروساتِ، وصدأ الوظيفة، والعفنِ المقيمِ في كلِّ قلبٍ وشارع. 5 ويا هذا المُطَوَّقُ بالنحيبِ والمراثي والنعوش، مِنْ أينَ جئتَ بكلِّ هذه القهقهاتِ الصافية؟ بكلِّ هذه الدعاباتِ العذبة؟ بكلِّ هذا المرحِ البكر؟ 6 وأنتَ يا صاحبي.. كيف واءمْتَ بين كبرياءِ الرأسِ ومذلةِ الحذاء؟ بين كآبة الملحِ وإشراقةِ السُكّر؟ وكيف أطَلْتَ المُكْثَ بين يقينِ القلبِ وريبةِ الطريق؟ 7 وأنتَ، يا صاحبي.. ماذا صنعتَ بنفسِكَ يا صاحبي؟ 8 ويا رفيقي في المقيلِ العذبِ والمسرّةِ الخضراء كيف هيّأتَ قلبَكَ فندقاً للأصدقاء؟ فيما طردتَ من بهوهِ الواسعِ ظباءَ الأنوثة؟ 9 ويا مَنْ تنتظرُ المراكبَ التي لا تأتي.. سريرُكَ رصيفٌ ناشفٌ ولحافُكَ سماءٌ مكشوفة وأنت تغفو عميقاً في ليل الميناء.. بربِّك، قُلْ لي: كيف انتزعتَ من هذا العالمِ البخيلِ كالمسرات، كل هذه القدرةِ على احتمالِ ما ليس يُحتمل؟ السعودية