هاجم تربويون ومثقفون مناهج التعليم، مشيرين إلى أنها لا تُسهم في نبوغ النشء، وتعتمد على التلقين، ولا تحرص على التفكير والإبداع. جاء ذلك في مداخلات لعدد من رجال الأدب والتربية والثقافة في محاضرة حملت عنوان «دور الأمة تجاه الطفولة، والأخذ بمعايير التعليم المتطور نحو بناء العقل العلمي والأدبي للأطفال»، ألقاها الدكتور محمد مريسي الحارثي في افتتاح الموسم الجديد لمنتدى محمد صالح باشراحيل الثقافي، في مكةالمكرمة، مساء الثلاثاء الماضي. وشهدت المحاضرة تكريم الطفلة سلام، ابنة عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري، لنبوغها المبكر في حفظ أجزاء عديدة من القرآن الكريم، والقاعدة النورانية، وامتيازها بالفصاحة والبلاغة، وهي لم تجتَز بعدُ ست سنوات من عمرها. وارتجلت سلام كلمة بليغة تحدثت فيها عن والدها، ووالدتها الدكتورة هيفاء فدا (عضوة هيئة التدريس في جامعة أم القرى)، وكذلك عن أسباب نبوغها. وقال الدكتور محمد الحارثي «ليست كل أسرة مسلمة محضناً إيجابياً وسبباً رئيساً في النبوغ والإبداع»، مشيراً إلى تراجع دور الأسر كثيراً في التربية والتنشئة الصحيحة التي تُخرج لنا جيلاً واعياً مثقفاً مبدعاً». ورأى الحارثي أن البيئة المدرسية ومناهج التعليم ليست بيئة كافية لتخريج المبدعين والنوابغ، الذين كانوا يحتلون الصفوف الأولى في مشهدنا عبر تاريخنا الإسلامي المجيد. وأكد عدد من الأكاديميين والتربويين، منهم الدكتور محمود كسناوي، وخالد وطلعت سابق، ومنصور الحارثي، وعلي القرني، أن البيئة التعليمية لم تعد سبباً في تخريج المبعدين والنابغين، محملين الأسر، وبالذات الأمهات، الدور الأكبر في التربية والتنشئة الإسلامية الصحيحة. وتمحورت مداخلات النساء حول غياب أدب الطفل في وسائل الإعلام والمحافل الثقافية في المملكة، خصوصاً أنه يُسهم في صياغة شخصيته بشكل إيجابي وصحيح. وشهدت المحاضرة حضوراً واسعاً، ما دفع أحد المشاركين للقول بأن «المنتدى تفوق على نادي مكة الثقافي الأدبي بالحضور والمشاركة». وأرجع المشرف على المنتدى، الشاعر الدكتور عبدالله باشراحيل، اختياره موضوع الطفولة، وتكريمه إحدى النابغات في مكةالمكرمة، لعدم وجود اهتمام بالطفولة عموماً، وبأدب الطفل خصوصاً. وأضاف «أحببت اختيار أنموذج لابنة عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري، كونها أنموذجاً للأطفال المبدعين، فبرغم حداثة سنها، تحفظ أجزاء عديدة من القرآن، والقاعدة النورانية، وتمتاز بالفصاحة والبلاغة وطلاقة اللسان، وهو نتاج تربية وتنشئة صالحة». وقال باشراحيل «أردنا من خلال هذا المنتدى إظهار قدوة للنشء يقتدي بها الآباء والأمهات في طريقة التربية والتنشئة الصحيحة»، مؤكداً أن مجتمعنا بحاجة لمثل سلام في المجالات كافة، علماً وأدباً وأخلاقاً وتربية. وأعلن باشراحيل عن استمرار المنتدى الثقافي في كل أسبوع، مشيراً إلى أنه سيحمل مواضيع مختلفة في الفكر والأدب والثقافة، وفي شتى مجالات الإبداع الإنساني والمعرفي.