أطرق أحد الأكاديميين المختصين بالإعلام لفترة قصيرة قبل أن يجيب أحد السائلين له في مناسبة اجتماعية بعدما تحدث عن الإعلام ودوره في تثقيف المجتمعات وتبني قضاياه المهمة. كان سؤال ذلك السائل هو «هل قدمت قنواتنا الإخبارية العربية الخاصة المعلومة والخبر كما يريده ويحتاجه الجمهور العربي؟»، بعد صمته ذاك لم يجد مهربا من الإجابة حسب قوله، فهو ليس مضطرا للمجاملة أو ممارسة البروباجاندا، فهو كما يقول لا يعمل لدى أي من القنوات الإخبارية ولن يفقد عمله بسبب رأيه. فبعض قنواتنا العربية الإخبارية الخاصة لم تجد خطا خاصا بها فضاعت بين ركام القائمة الفضائية، وأصبح بعضها مجرد تكملة عدد ليس إلا! بل وفقدت المهنية التي يفترض أن تمارسها. ولك أن تتصور -والحديث للأكاديمي- أن هناك قناة إخبارية خاصة أشغلها النظر إلى ما تقدمه منافستها التي تكبرها بسبع سنين عن عملها وأخذت في محاولة النيل منها بحجة أنها تحمل لواء أجندة مناهضة لعروبتنا المقدسة، وأنها أتت إلى الفضاء كفارس ملثم ينتشل المعدمين من براثن المجرمين! وهذا ما أوقعها مع مرور الوقت في أخطاء فادحة على مختلف الأصعدة بعدما غردت خارج السرب في مغامرة غير محسوبة العواقب. هذه الأخطاء لم تكن لتحدث لو أنها تركت المنافِسة وشأنها وأصلحت من أوضاعها وأعادت هيكلة توجهاتها وعربت خطابها ليتلاءم مع ما يريده المشاهد العربي الرصين المتمسك بقضاياه. بداية من صياغة أخبار فلسطينالمحتلة التي يقرأ مذيع نشرة أخبارها الرئيسة «أن أسرة فلسطينية لقيت مصرعها بعد انهيار المنزل الذي تقطنه»، ولم يقل مثلا توفيت أو استشهدت، وبين مختاراتهم المضحكة على موقعهم الإلكتروني المعتمدة على تكنولوجيا القص واللصق عن دراسة طبية أو استفتاء تم نقله من صحيفة غربية لن تفيد المتلقي العربي في شيء، إضافة إلى انحيازها الواضح تجاه ما تناقشه من قضايا وما تعرضه من أحداث لا تخدم الأمة ولا المجتمعات وانتهاء بتدخلها في آراء وقناعات ضيوفها واعتدائها على حرية وآراء العاملين بها». انتهى حديث ذلك الأكاديمي، ولكن لم تنتهِ التساؤلات! فكلامه يطرح العديد من الأسئلة لعل من أهمها السؤال العريض: هل أضاعت قنواتنا الإخبارية الطريق؟