يتميز اقتصاد المملكة العربية السعودية عن سائر دول الخليج العربي وشمال إفريقيا بأنه الأقوى والأكبر في الوقت ذاته، حيث يمثل 43% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي. وبحسب المعلومات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي، شهد قطاع الإنشاءات السعودي نمواً قدره 11.6% في عام 2011م، وشكلت هذه الطفرة الاقتصادية الدافع الأقوى لازدهار المشروعات الإنشائية العملاقة في كافة أرجاء المملكة، وأدت بالتالي إلى نمو سوق مواد البناء، حيث تؤكد التقارير الرسمية أن حجم سوق توزيع مواد البناء في السعودية بلغ في عام 2011م حوالي 47 مليار ريال، بينما تشير التوقعات الأولية المراقبة لنمو حجم سوق مواد البناء أن يصل حجمه خلال عام 2012 إلى ضعف ما بلغه في عام 2011 ليتجاوز عتبة ال 95 مليار ريال اعتماداً على المشروعات العملاقة التي يجري تنفيذها في المملكة. وتؤكد المشروعات الجديدة المتوقعة والبالغة قيمتها أكثر من 1.775 مليار ريال (أي حوالي ربع قيمة المشروعات القائمة والمعلنة في دول مجلس التعاون الخليجي التي يبلغ قيمتها حوالي 7.1 تريليون ريال) أن قطاع الإنشاءات السعودي يسير بخطى ثابتة في طريق النمو مما يؤدي إلى زيادة في الطلب على مواد البناء التي تعتبر وقوداً حيوياً لهذه النهضة. من جهته، يرى نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الجذور العربية المهندس سمير الشبيلي أن قطاع الاستثمار العقاري بأكمله يمر بمرحلة تحول إيجابي بسبب النهضة الاقتصادية التي تشهدها المملكة ما يعزز التفاؤل بشأن ارتفاع الطلب على مواد البناء. وقال الشبيلي: “تؤكد التقارير والدراسات التي تواكب حركة الاقتصاد السعودي أن نمو قطاع الإنشاءات في المملكة يدعم بشكل قوي ويشجع قطاع تصنيع مواد البناء، وإن هذا التوسعَ والنمو الكبير في قطاعِ الإنشاءات الذي تقدرُ قيمة مشروعاته الجارية والمستقبلية حتى 2020 بنحو 3.5 تريليون ريال ما هو إلا مؤشرُ على أن الوقت الحاضر هو الأنسب لتطوير صناعة مواد البناء في المملكة من أجل سد حاجة السوق والتعويض عن المواد التي يتم استيرادها من الخارج، حيث إنه وفقا للأرقام الواردة في تقارير رسمية فإن قيمة مواد البناء التي تم استيرادها إلى السعودية في عام 2011 تُقدر بأكثر من ثمانية مليارات ريال بنسبة نمو سنوي يقدر بحوالي 15%”. وأضاف الشبيلي قائلاً إنه بحسب رؤية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – لتنويع اقتصاد المملكة دون الاعتماد على العائدات النفطية، وضعت الحكومة تشريعاً لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاع التصنيع، وكذلك فقد بدأ في هذا المجال تنفيذ مجموعة كبيرة من المشروعات الصناعية المدعومة من الحكومة، وقد أعلنت مجموعة الجذور العربية أن إجمالي إيرادات المجموعة لفترة الستة أشهر المنتهية في 30 يونيو 2012م بلغ 1.422 مليون ريال وتنوعت مصادر الإيرادات على القطاعات التي تديرها المجموعة، حيث بلغت نسبة نشاط توزيع مواد البناء 67% من صافي الأرباح، و8% من التصنيع، و25% من نشاط التصميم والبناء. وورد في تقرير بنك أوف أمريكا ميريل لينش الذي صدر في يوليو الفائت أن الإنفاق في قطاع الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العقد القادم يقدر بحوالي 4.3 تريليون دولار (أي ما يعادل 16.12 تريليون ريال سعودي) ويمثل ذلك نمواً يقارب ال 80% عن حجم الاستثمار الراهن، وتوقع التقرير: “أن تقود الأسواق السعودية طفرة مرتقبة في حجم الاستثمار في مشروعات البنى التحتية والإنفاق في مشروعات الإنشاءات، حيث إن هذين القطاعين في المملكة قويان وتشكل قيمتهما الإجمالية 46% من إجمالي قيمة المشروعات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الفترة الواقعة بين عامي 2012 و2013 التي تقدر بنحو 448 بليون دولار أمريكي”. وعليه، تعدُّ مشروعات الإنشاءات المهمة بمثابة محرك رئيس لمواد البناء خصوصاً تلك المرتبطة بالبنية التحتية والممولة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية، وتساعد مشروعات البنية التحتية الضخمة على نشوء استثمارات صناعية أصغر حجماً لمقابلة الاحتياجات الملحة لمواد البناء، علماً أن أسعار مواد البناء المصنعة في السعودية تعتبر منخفضة نسبياً مقارنة بأسواق المنطقة نظراً لانخفاض تكلفة الإنتاج. الرياض | الشرق