تسارعت تداعيات القبض على عناصر من فوج حماية وزير المالية العراقي، رافع العيساوي، وعلت مجدداً أصوات تطالب بسحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي. وطالب مجلس علماء الفلوجة، أمس الجمعة، أهل السنّة بالانسحاب الفوري من الحكومة والعملية السياسية وذلك خلال تظاهرة شارك فيها المئات وسط المدينة. ووصف رئيس مجلس علماء الفلوجة، الشيخ مشعان سعود، اعتقال حماية الوزير العيساوي واقتحام منزله ب «تجاوز كبير في حق الشركاء الرئيسين بالحكومة»، واعتبر أن انسحاب أهل السنة من العملية السياسية هو الرد على تلك التجاوزات. ويعد العيساوي أحد صقور «القائمة العراقية»، وهو طبيب عمل مديرا لمستشفى الفلوجة ثم وزيرا للدولة للشؤون الخارجية ومن بعدها وزيرا للمالية، ويُتَّهَم من قِبَل بعض مكونات التحالف الوطني الشيعي بإدارة خلايا نائمة تتبع تنظيم القاعدة. آمر الفوج يعترف إلى ذلك، أعلن الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى، عبد الستار البيرقدار، أن قائد فوج حماية وزير المالية اعترف بقيامه بأعمال ارهابية، فيما وصفت كتلة دولة القانون، التي يتزعمها نوري المالكي، هذا «الإجراء القضائي» بأنه غير موجه ضد العيساوي. ورفض النائب عن «دولة القانون»، خالد الأسدي، اعتبار عملية الاعتقال استهدافا شخصيا للوزير أو للمكون السني، مشدداً على أن تطبيق القانون يعد عملية أساسية في بناء الدولة. وأضاف الأسدي «ليس هناك حرج على أي مسؤول في الدولة العراقية فيما لو تم احتجاز حمايته أو المقربين منه لو كان أحدهم مطلوبا للقضاء». بدورها، رأت القائمة العراقية ومجلس محافظة الأنبار أن سيناريو اعتقال حماية نائب الرئيس المحكوم بالإعدام غيابيا، طارق الهاشمي، يتكرر ضد وزير المالية. لكن البيرقدار أوضح، في تصريحٍ بثته قناة العراقية شبه الرسمية، أنه «وخلال التحقيق معه اعترف آمر فوج حماية العيساوي بقيامه بأعمال إرهابية «، ولم توضح القناة طبيعة هذه الأعمال. يذكر أن قوة اعتقلت أمس الأول نحو 150 من حماية وموظفي مكتب وزير المالية كما اقتحمت مكتبه في الوزارة. العيساوي: دولة ميليشيات لكن رافع العيساوي وصف الحكومة العراقية ب «دولة مليشيات»، وقال إن «قوة مليشياوية داهمت مقر وزارة المالية ومكتبي ومنزلي بصورة غير قانونية واعتقلت جميع الموظفين والحمايات». ووجّه العيساوي، خلال مؤتمر صحفي عقده في منزل رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وحضرته «الشرق»، حديثه إلى المالكي قائلاً «رسالتي إلى رئيس الوزراء، أنت رجل لا تؤمن بالشراكة أبدا ولا تحترم القانون ولا الدستور ويكفي مراهنة مصير هذا البلد الجريح، وأحملك شخصيا المسؤولية القانونية عن جميع المختطفين». وتساءل «هل هذا سلوك حكومة أم تصرف عصابات؟ إذا كنتم حكومة تعالوا نتفاهم وفق القانون كشركاء وإن كنتم تتصرفون كعصابات نحمي أنفسنا منكم بالطريقة المناسبة، بالأمس القريب أزمة مع إربيل وفضيحة في السجون والفساد الإداري، واليوم أزمة أخرى تجرون فيها العراق إلى الهاوية»، وأكمل «عليكم الاعتذار للشعب العراقي عن تصرفكم اللاقانوني يا دولة المليشيات». في سياقٍ متصل، طرح نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية، صالح المطلك، مبادرة أمس دعا من خلالها إلى ضمان استقلالية القضاء العراقي والتصدي لمن يريد إنعاش الطائفية، واصفاً اعتقال أفراد حماية الوزير العيساوي ب «الأمر المؤسف». وطلب المطلك من المالكي تفسير ما يجري في البلاد، مبيِّناً أن «الوقت حان لمراجعة شاملة لمسار العملية السياسية والأمنية لأن هذا الوضع لم يعد مقبولا». الداخلية: نفذنا أمراً قضائياً في المقابل، اعترفت وزارة الداخلية بتقصير القوة التي نفذت عملية الاعتقال بحق حماية العيساوي، وذكر بيانٌ للوزارة أنها «اتخذت إجراءات قانونية واحترازية وقائية بحق بعض أفراد القوة المكلفة بتنفيذ الأمر القضائي». ونوّه بيان «الداخلية» إلى تنفيذ الوزارة أمراً قضائياً صادراً عن محاكم مختصة وبعلم مجلس القضاء الأعلى بحق بعض أفراد حماية وزير المالية، وعددهم عشرة أشخاص، وذكرت الوزارة أن تنفيذ هذا الأمر يأتي بحكم سلطة الوزارة التنفيذية حيث إنها الجهة المسؤولة عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بموجب الدستور العراقي. وأشار البيان إلى أن «أفراد حماية الوزير العشرة كانوا يوجدون في محيط منزله مع عدم علم مفارز وزارة الداخلية أن المنزل يعود للوزير»، وأوضحت الوزارة أنها «لم تلقِ القبض على أي شخص من المطلوبين إلا بعد أخذ الهويات الشخصية والتعرف على المطلوبين وتنفيذ الحكم القضائي بحقهم، مع العلم أن وزير المالية كان على دراية وعلم مسبق بكل هذه الإجراءات القانونية». رافع العيساوي