يرى الشاعر عبدالرحمن سابي أن المشروع المدني لم ينجح في تأصيل نفسه من خلال المؤسسة الثقافية، برغم اجتهاد بعض المثقفين لاستحضارها من خلال صور لم تكن كافية لرسم طريق يفرض على أرباب القرار في هذه المؤسسات التعامل الجدي معها. ولفت في حديث ل»الشرق» إلى أن الرغبات الخجولة وجلة في ظل السلطات المتكئ عليها أغلب المؤسسات الثقافية، ما يؤثر في رسم منهجية وسياسة الحراك العملي لها، ما يخلق حاجة ملحة في إيجاد مؤسسات ثقافية أهلية، كما هو الحال في كثير من المجتمعات الأخرى، كون أهليتها تمنحها القابلية المؤهلة للدنو من معايشة الواقع المدني، ومعالجته بما يراه الإنسان المساهم بذاته في رسم التصور الملائم لطبيعة واحتياجات واقع تنطلق منه وله، موضحاً أن التحاور بشفافية يقود إلى مثالية مرجوة للتكاملية، وبناء معرفة نوعية يخرج بها المجتمع المدني، ما ينعكس على مكتسباته وحصاده، ويكون سنداً في طرح الرؤى المعززة لرغبة إنسان هذه المجتمعات في التواصل مع مؤسساته الثقافية، والخروج بمنجز ثقافي معرفي يتخذ طابع الشراكة، ويعمل على تجاوز أزمة العتب السائدة تجاه ما يطرح من مشاريع ثقافية لا تصب في مصلحة مجتمعاتها في نظر بعض المثقفين. وأضاف: ينبغي الاعتراف مسبقاً بالنزر من الجهود لدى بعض الراغبين في الوصول إلى تشكلات المجتمع، والمساهمة فيها بما يضمن مصداقية الوعي لديها بشمولية مصطلح الثقافة في الوقت الراهن، وقيامها كمنجز على الجماعية لا الفردية غير المحقة، والبحث في مركزية موجودة في الواقع المعاش يمكن من خلالها الوصول إلى ترتيب آليات فعالة، ومساهمة تسلط الضوء على الدور المدني للمؤسسة الثقافية، مؤكداً تزايد الفجوة بين تلك المؤسسات الثقافية، ومفردات الوجود المدني لأسباب جمة بعضها تقادم وترسب منذ فترة الثمانينات، حين كان يشعر المنتمي لهذه المؤسسة بشيء من الزهو ساهم بشكل رئيس ومباشر في جعل هذا المكان مجالاً خصباً للنخبوية، مما أفقده فرضية تواصله المجتمعي، الذي لم يكن وقتها مالكاً للوعي المعرفي للمطالبة بما هو حق له في العطاء المناط للفعل الثقافي المحسوب والمقيّم لنتاج الأثر الفعلي لهذه المؤسسات. وهي حال استمر تهميشها ودام وجودها بشكل مختلف ومسميات أخرى.