وصف عضو نادي الباحة الأدبي الشاعر عبدالرحمن سابي حضور الأندية الأدبية بالواقع الملموس، إذ تمثل ظاهرة حضارية ومطلباً يتفق وروح الثقافة في زمن غدا السباق به معرفياً ثقافياً، لافتاً إلى أن الذات المثقفة القادرة تحتاج إلى مؤسسة تعنى بالرؤى والتطلعات المؤهلة للتعايش والممكنة من حق مشروع للمثقف في التأثير والتأثر. ويرى ابن سابي أن الأندية الأدبية غير معنية باعتماد طريق منهجي للفرد كي يصبح مثقفاً، بل هي تعمل كما خطط لها في الأخذ بما يسهم في دخول الفرد المثقف دائرة الضوء كخطوة أولى، ومن ثم الوصول للجماعة المؤثرة كعامل يسهم في بناء وعي أفراد المجتمع. ويذهب إلى أن تواصل النادي مع المجتمع قد يكون من خلال المراكز الرافدة له متى ما وجدت البصيرة القادرة على رسم التلازم بين الفرع والأصل، مضيفاً: «لن ننسى هنا الحديث عن الجغرافية اللازمة لتواجد الرافد (المراكز الثقافية) وأثرها باختلافها من واقع لواقع بنسبية محدودة في الحرية لكل من النادي والمركز، وهو ما يمنع الوعي الأبيض القادم من وإلى الثوران الجامح، وهنا تكمن مركزية العمل المؤسساتي، وحجبها للكثير من الإبداع الخلاق». وبقراءته لواقع «أدبي الباحة»، أوضح ابن سابي أن «أدبي الباحة» يقف في مساحة نسبية بين تطلع لتحقيق المأمول الممكن، وواقع مفروض يصعب الفكاك منه، مضيفاً أن الرؤى وإن تعطرت بأحلام صانعيها، تظل رهن رحمة ظروف عدة تواجهها، وتقف دون الوصول للمرتجى، مشيراً إلى أنه مهما بلغ الحلم لدينا في نادي الباحة سنظل نسير وفق أمان يتجدد عبيره مع إشراقة كل يوم، بعضها يدرك وكثير منها لا يجد من يساعده في الوصول، والمسؤولية في التعثر تارة مشتركة، وتارة فردية، لكنها في نهاية الأمر تسعى لتحقيق ما رسمتها الجهود القائمة عليها. ولفت ابن سابي إلى أن توجهات أعضاء المجالس الحالية تتفاعل بكل ما تحمل من توافق وتضاد على السواء، إلا أنها تعمل في ظل خطوط لا يمكن للمتفق والمضاد تجاوزها في كل الأندية الأدبية، مضيفاً أن معظم ما تم رسمه من سياسات خرج إلى النور، واصفاً إسهام «أدبي الباحة» بالبصمة في الحراك الثقافي، مؤملاً ألا يتجاهل أحد ما أنجز مما لا يمكن غض الطرف عنه، مستشعراً وجود بعض النقص والزلل، كون القائمون بشراً وبهم ما بهم من نرجسية ونقص. وعن هبوط معدل الحضور للفعاليات، كشف أن الأماكن لا تزال تنتظر بشغف من يملأها نشوة خصوصاً القريبين من حس النادي، ليصل الباعث لاستراتيجية النادي الموضوعة، لمعانقة بعض الضياء على أقل تقدير. مضيفاً: «كثيراً ما يتضاد الإنسان مع نفسه، فكيف به مع الآخرين، في واقع يساعد السائر به في توشح بعض من الغرور وكثير من الوهم وهي حال مشتركة، فأعضاء مجلس الإدارة واقعون في حب الذات جميعهم، وراغبون في الضوء وفي اعتقادي انه حق مشاع ، حين يمتلك العضو ما يؤهله لتلك الممارسة الحسنة، بعكس من يدعي فهو واهم برغبته ويكفيه من وهمه ما يجده من إرضاء لذاته وهذه سجية كل مجالس الإدارات بشتى تخصصاته». ولا يخفي ابن سابي أن الانسجام التام بين الأعضاء شهادة لا يقبلها الواقع والمنطق، «مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الخلاف لا الاختلاف، وبقاء الكل تحت ظل المصلحة العامة للعمل المؤسسي التي يمثلها النادي هنا، مانحاً المتلقي حق تقدير قيمة النتاج وحق إصدار الحكم»، مؤكداً أن «أدبي الباحة» لم يصل إلى ما يصبو إليه المجلس الحالي، لافتاً إلى اجتهادات يجب تصحيحها، ومنجزات تستحق الإشارة إليها بالبنان ما يؤهلنا معه للزهو بجهد من أجاد زارعه فطابت الثمرة. ويخلص إلى أن الكثير من التجارب أفادتهم وعلمتهم، «ما أسهم في تبدل الحال وغير المقال والأمل في نهاية المطاف، حادينا وسمير سعينا لتطلعات عدة ما زلنا نجتهد في ملامسة واقعها أو الدنو منه على أقل تقدير، والفرق بين من يعمل ومن لا يعمل جلي»، محذراً أعضاء المجالس من ادّعاء الكمال «كونه ما بلي مجلس إدارة قط ببلاء أشد فتكاً من ادعاء الكمال وديمومته، فهذا يعني السير من دون حركة وهي معضلة حقة، تسكن الأندية جميعاً»، مؤملاً إدراك ماهية الأندية ودورها من أعضاء مجلسها حتى يكون السير حركة والنتاج مرضياً، مستبعداً إنهاء فترة المجالس الحالية من دون تمديد، «كون اللائحة ستمر بمحطات عدة لتمنح صيغتها النهائية مباركة جهات عدة معنية بنشاط الأندية، وإن كانت خارج إطار وزارة الثقافة».