الكوميديا مهزلة. والتراجيديا مأساة. أحياناً تختلط الكوميديا بالتراجيديا، فلا تعرف هل تبكي أم تضحك؟! إنها حالة قريبة من الجنون. المجنون يضحك ويبكي في نفس الوقت. حين أرى الطبيب النيجيري -مثلاً- القادم من أقصى إفريقيا وهو يحاول التفاهم مع المريض السعودي ينتابني شعور الجنون السابق: هل أضحك أم أبكي؟ حين التحقت للعمل في ألمانيا نظر إلي الشيف «كارل توما» وقال: التحق بدورة لغة! فعلاً وضعت من جيبي مبلغاً كبيراً ودرست في معهد جوته لتعليم اللغة الألمانية. في ألمانيا تأتي إعلانات الوظائف على هذه الشاكلة «شرط لمنح الوظيفة التمكن من اللغة الألمانية نطقاً وكتابة». في بلاد العالم كلها تندرج نفس القاعدة، إلا على مريضنا السعودي الذي عليه أن يسمع رطن النيجري بالإفريقية، وهزة رأس الهندي «يس سير»، ولغط آخرين من ثمانين جنسية. يقول المريض السعودي للطبيب النيجيري على سبيل المثال «فحمة كتمة»! هنا نحتاج في هذا المركب (التراجيدي الكوميدي) ثلاث ترجمات. أولاً من اللغة العربية إلى الإنجليزية، وقبلها من اللغة العربية إلى العامية، ثم من جديد من اللهجة العامية إلى مصطلحات المريض السعودي ماذا يقصد ب(الفحمة)؟ العديد من المرات وقفت أتأمل هذا المنظر، فلا أعرف هل أبكي أم أضحك؟ وحين أسترجع الذاكرة من الجرمان وكيف أتقنَّا لغتهم أقول في نفسي: يا حسرةً على العباد. علينا أن نقول قولاً لا يوقظ نائماً، ولا يزعج مستيقظاً، أليس كذلك؟!