وصف المفكر الإسلامي محمد الدحيم الخطاب الديني بالمختل والمقسَّم بحسب المصالح، وأنه يعاني من الضعف والتشظي والتضييق والاتباع، مؤكداً على الحاجة إلى التغيير والتطوير، وقراءة نقاط القوة والضعف فيه. وأكد الدحيم خلال محاضرة «الخطاب الديني والمجتمع»، التي أقيمت في «ندوة الوفاء» في الرياض، أول من أمس الأربعاء، أن الخطاب الديني في العصر النبوي «عصر التنزيل» كان وجدانياً إنسانياً، بسيطاً وميسراً، بالإضافة إلى انسجامه مع الفهم العام لمجتمعه، مضيفاً «الاجتهاد روح الشريعة، والاتباع يعني الموافقة بالقصد، كما أن المصلحة الكبرى ومفهوم الحق والحقيقة كانت واضحة في ذلك الوقت، ولنا في حديث النبي (صلوا كما رأيتموني أصلي) دليل واضح على ذلك، إذ إن الصحابة صلوا بطرق متعددة، وتعددت مفاهيمهم وسلوكياتهم، إلا أن الوعي كان على مستوى ذلك». وأشار الدحيم إلى أن الإنسان داخلٌ في تيسير الدين، مستشهداً بالآية الكريمة «يريد الله بكم اليسر»، كما أن الخطاب القرآني مليء بالحب، وإذا غاب الحب عن الخطاب الديني غاب عنه الإيمان. وعزا التشدد الديني الذي يعاني منه كثير من المتدينين إلى إشكالية في ذاتهم وجيناتهم، وليس في الدين. وأكد على أن التقاء الحضارات وتصادمها يؤثر في تشكيل الخطاب، وأن «الأديان لا تبني الحضارات، بل تبني الإنسان الذي يسهم في بناء هذه الحضارات، ومن الطبيعي أن يكون هنالك فكر ينتج خطاباً يوجه السلوك، إلا أن خطابنا في حالة التخلف التي نعيشها أصبح ينتج خطاباً مثله، وهو ما أدخلنا في جدليات عقيمة استهلكت الأوقات والأموال، وتفننا في صنع المشكلات»، مؤكداً على أن فئة من الناس أصبحت ماهرة في صنع الثنائيات، مثل الإسلام والليبرالية، مشيراً إلى أنها مقارنات غير متكافئة، فلا يمكن المقارنة بين دين ومذهب. وطالب بعدم تركيب الدين كمنصة للدفاع أو الهجوم على الآخرين، وألا يتم اختزاله في رؤية معينة، كالفن الإسلامي، والتعاملات المالية الإسلامية، مؤكداً على أن هذه الرؤية دليل على حالة التردي الذي يعيشها الخطاب، وهذا يؤذن بخطر كبير على الدين. وتساءل الدحيم عن جعل الاختلاف سبباً للاحتقان «بإمكاننا أن نتعذر بمذهب، أو رأي، أو كتاب، لكننا لم نخلق للاحتقان،.. هذا عبث، وكل الحجج ستصبح زائفة متى ما التقينا بالحقيقة الكبرى، فالمستقبل مختلف وكبير، ولسنا وحدنا في العالم، فهناك من يشاركنا الوجود، والخطاب الإسلامي ينتظره المستقبل، لكن بروح جديدة».