عندما خرج جاليليو من محكمة التفتيش في روما التي حاولت استتابته بعد قوله بأن الأرض تدور حول الشمس، قال جملته الشهيرة « ولكنها تدور»، جاليليو كان مقتنعاً برأيه بعيداً عن عقول قضاة المحكمة، الذين كانوا ينظرون للأمر من جانب «اعتقادي « وهو ينظر له من جانب علمي. اليوم في مجتمعنا الكبير بحجمه الصغير في عقول بعض أفراده، ابتلينا بمحترفي قراءة نوايا، يتعمدون دوماً إخراج الأمر عن سياقه ووضعه في السياق الذي يلتقي مع تفكيرهم، ولذا تجدهم عندما يقرأون جملة أو عبارة يأخذون في تفسيرها بشكل يبطن السوء دائماً ولا ينظرون للجانب المشرق منها، وهم بذلك ليسوا سوى «مصطادين» في ماء عكر، وهم أول من يلوثه. في عملنا الصحفي تعودنا على أن توضع العبارات الواضحة، لا نهتم كثيراً بتفسيرات المرضى، ولا ننظر أيضاً للهالة التي تصاحب مثل هذه العبارات، ولذا كانت أي عبارة تخرج منا، هي عبارة نمثل في حرصنا عليها، الأخلاق والمبادئ العامة والمصلحة الوطنية التي تهمنا قبل أي شيء، ولكن البعض لا ينظرون لهذه الاعتبارات في تناولهم لما يقرأون بل يذهبون إلى الأمر السلبي فوراً دون مراعاة لأي شيء. هؤلاء السلبيون، بحاجة إلى علاج نفسي، ثم علاج اجتماعي، وإذا لم يصلح معهم لا هذا ولا ذاك، فالعلاج الناجح هو» الكي» في رؤوسهم، لأن البذاءة لا يفكر فيها إلا من تعودها.