الدمام – فيصل الزهراني صندوق التنمية الصناعي أحد أعمدة الصناعة في المملكة. الكهرباء والغاز والإعفاءات الجمركية أبرز تحديات القطاع الصناعي. نحن الصناعيين لسنا ضد قرار رفع كلفة العامل الوافد. وزارة التجارة بريئة من تهمة التعطيل.. والربيعة «بيّض الله وجهه». انتقد الرئيس التنفيذي لشركة الزامل للصناعة عبدالله الزامل، الجهات الحكومية المسؤولة عن تنفيذ التشريعات الخاصة بتطوير القطاع الصناعي في السعودية، كاشفاً عن حزمة من التشريعات المعطلة منذ فترة، كما انتقد الزامل توقيت وزارة العمل الأخير برفع كلفة العامل الوافد إلى 2400 ريال، مشيراً إلى أن القرار مفيد ومهم لتوطين الوظائف في القطاع الخاص، إلا أن الوزارة اختارت التوقيت الخطأ له. الزامل حذر من عزوف الشباب السعودي عن الإقبال على القطاع الصناعي، وبعث رسالة اطمئنان بشأن الاقتصاد السعودي، أكد فيها أن اقتصاد المملكة قوي ومتماسك، باعتباره يشكل ربع الاقتصاد العربي وثلث الاقتصاد الخليجي، مدافعاً عن دور صندوق التنمية الصناعي وما حققه للقطاع منذ إنشائه. واختتم الزامل حواره معنا بالحديث عن تجربته الشخصية الأولى في الشركة، وتمثلت في مشروع تركيب تكييف للمسجد النبوي قبل نحو 25 عاماً. ربع الاقتصاد العربي * دعنا نبدأ الحوار من تقييمك للوضع الاقتصاد السعودي حالياً في ظل الظروف التي يمر بها العالم؟ المملكة تعدّ من أكبر اقتصادات المنطقة، ويمثل اقتصادها ربع الاقتصاد العربي، ونصف الاقتصاد الخليجي، والمملكة تمتلك قدرات وإمكانات عدة في مجال إنتاج البترول والغاز لا يُستهان بها، وهو ما يجعل من القطاع الصناعي فيها داعماً قوياً للناتج المحلي ب13%، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 20% بحلول عام 2020 بحسب الخطة الاستراتيجية الوطنية الصناعية، وفي هذا الصدد فإن المملكة تسعى وبخطى جيدة إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط والغاز ومشتقاتهما، من خلال القطاع الخدمي الذي يمثل قوة اقتصادية كبيرة في المملكة. * صندوق التنمية الصناعي هل ترى أنه خدم القطاع كما كان متوقعاً؟ صندوق التنمية يعدّ أحد أعمدة نجاح القطاع الصناعي في المملكة، من خلال القروض والدعم الكبير الذي قدمه للصناعيين منذ إنشائه، حيث أسهم بدوره في تنمية القطاع الصناعي طيلة 45 عاماً. ننتقل إلى أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في المملكة.. فما هي من وجهة نظرك؟ التحديات كبيرة، والمجالات الصناعية التي لم يتم التوسع فيها أيضاً كثيرة، ولا ننسى أن القطاع مرّ بعدد من التحديات التي واجهته خلال السنوات العشر الماضية، أهمها توفير المناطق الصناعية وتوفير الكهرباء والغاز، وتوسعة وتسهيل إجراءات فسح البضائع من الموانئ. قرارات موجعة * وما رأيك في قرار وزارة العمل الأخير القاضي برفع كلفة العمالة الوافدة؟ في نظري القرار ليس سيئاً، ولكن أربع ضربات في سنة واحدة لرجال الأعمال والمستثمرين توجع، فقبل هذا القرار كان برنامج نطاقات، وتحديد الأجور، وأخيراً الحديث عن خفض ساعات العمل. * هل يعني هذا أنك راضٍ عن تطبيق هذه القرارات على القطاع الصناعي؟ نعم راضٍ وأوافق عليها، ولكن إذا طبقت تدريجياً وليست في سنة واحدة مجتمعة، بحيث يمنح القطاع فرصة للمنافسة عالمياً، فالقطاع الصناعي يواجه كثيراً من التحديات، مقارنة بقطاعات الدولة، وبالتالي قد يفقد تنافسيته تدريجياً إذا طبقت تلك القرارات دفعة واحدة. * ما الوقت المناسب في نظرك لتطبيق قرار العمل ال2400؟ القرار أسميه ضريبة على القطاع الخاص، وإذا كانت وزارة العمل تطالبنا بتطبيق مراسيم وقرارات ملكية من جهة، فيجب عليها وعلى بقية الجهات الحكومية الأخرى أن تطبق المراسيم والقرارات الملكية التي تصب في مصلحة القطاع وبقية القطاعات الأخرى. * معنى ذلك أن هناك قرارات لم يتم تطبيقها وتصب في صالح القطع الصناعي؟ نعم، هناك تشريعات لم يتم تنفيذها، ومن أهمها فرض استخدام المنتج المحلي في المشروعات المحلية، وتطبيق الإعفاءات الجمركية على بعض المنتجات، وما أريد قوله إننا كصناعيين لسنا ضد القرار الذي يهدف إلى توطين الوظائف. سهولة الإجراءات * هل لوزارة التجارة والصناعة يد في عدم تطبيق هذه التشريعات؟ أبداً، فمشكلة الصناعيين ليست مع وزارة الصناعة، ومن هنا أوجه رسالة لوزير التجارة توفيق الربيعة، أقول فيها «بيّض الله وجهك»، فمنذ أن تسلم الوزارة وأصبحت جميع الإجراءات سلسة، وتتم في أوقات قياسية، فهو يتفاعل بشكل كبير مع جميع احتياجاتنا ويسعى إلى توفيرها، ولكن هناك أمور نعلم أنها خارجة عن إرادته. * يتخوف كثير من الصناعيين من التعرفة الكهربائية.. كيف ترى الموضوع من وجهة نظرك؟ أقول إن الصناعيين مجمعون على أن تعرفة ال12 هللة لاتزال مربحة، ولكن التخوف الكبير هو من القطاع المنزلي والتجاري. ومشكلتنا في المملكة هي في العوازل، حيث تعدّ كفاءة المنازل في المملكة من أسوأ الكفاءات في العالم، وذلك لإهمالها مسألة العوازل، التي بدورها توفر كثيراً من الطاقة الكهربائية وتحدّ من استهلاكها. * كيف ترى مساهمة القطاع الصناعي في سعودة وتوطين الوظائف؟ الصناعة قطاع واعد بإمكانه استيعاب مئات الآلاف من الوظائف، فالسعوديون يشكلون حالياً 25% من موظفي القطاع، بواقع 150 ألف سعودي من بين 600 ألف وظيفة، وفي حال دعم القطاع وإعطائه مزيداً من التنافسية، فإن هذه النسبة سترتفع إلى النصف. * تزامناً مع إقامة معرض القوات المسلحة لقطع الغيار.. كيف ترى مساهمة القطاع الخاص الصناعي تحديداً في إنجاح مثل هذه المعارض؟ يشهد القطاع الصناعي في المملكة الخاص بتصنيع قطع غيار المعدات العسكرية خلال أكثر من 45 عاماً، تطوراً من مرحلة إلى أخرى، حيث أصبح بإمكانه تصنيع قطع غيار معقدة، بعد أن بدأ الصناعيون يفهمون احتياجات القوات المسلحة من جهة، وبدأت القوات المسلحة بالتعرف عن قرب على إمكانات القطاع الصناعي الكبيرة التي تمكنها من تصنيع كثير من القطع المعقدة. ويعدّ هذا المعرض الثاني بعد دورته الأولى في الرياض العام الماضي، حيث كانت تجربة ناجحة جداً، أسهمت في ترسيخ آفاق التعاون بين أهم طرفين في اقتصاد المملكة، القوات المسلحة، والقطاع الخاص. تصنيع قطع الغيار * ما الجديد في مشاركة القطاع الصناعي الخاص في هذا المعرض؟ المعرض السابق في الرياض كان يهتم بتصنيع قطع الغيار فقط، بينما المعرض الحالي يعرض منتجات لشركات صناعية استطاعت أن تُصنّع قطعاً كاملة، وهي خطوة ثانية للوصول إلى تصنيع المعدات بالكامل بإذن الله. * ما حجم الصفقات التي عُقدت بين القطاع الخاص والقوات المسلحة حتى الآن؟ خلال السنتين الماضيتين بلغ حجم مبيعات قطع الغيار لصالح القوات المسلحة أكثر من 500 مليون ريال، وهو رقم يعدّ قليلاً مقارنة باحتياجات القوات المسلحة من هذه القطع التي تقدر قيمتها ببلايين الريالات. * بالعودة إلى شركة الزامل للصناعة، وبحكم أنكم الرئيس التنفيذي للشركة، ما العلاقة بينكم وبين شركات عملاقة في المنطقة كأرامكو وسابك في مجال تطور القطاع الصناعي في المملكة؟ لاشك أن أرامكو وسابك وبقية الشركات الموجودة في المنطقة الشرقية تعدّ قوة اقتصادية كبيرة للمملكة، بما تمتلكه من إمكانات عالية، فعلاقتنا بأرامكو ممتدة معها طيلة أربعين عاماً، ولايزال هذا التعاون مستمراً للرقي بمستوى الصناعة الوطنية. دور الزامل للصناعة * ما دور الزامل للصناعة في توطين الوظائف؟ نحن في المجموعة بشكل عام اعتمدنا على العنصر السعودي في عملنا بشكل كبير، حيث يعمل لدينا 3000 مواطن، ويعدّ ذلك من صلب خططنا لتطوير وتوسع المجموعة، وهذا النهج تسير عليه المجموعة قبل أن يطبق نطاقات. * ما أبرز ملفات الحقيبة الاستثمارية للزامل للصناعة؟ مبيعات الشركة تبلغ 4.5 مليار ريال، ونوجَد في دول كثيرة حول العالم، ونطمح للتوسع جغرافياً من ناحية التصنيع، ونبيع في ثمانين دولة، فالشركة يمثل نشاطها خارجياً حوالي الثلث. * أين توجدون حالياً؟ وما البلدان المستهدفة مستقبلاً؟ كما ذكرت لك، نوجد في دول عدة في آسيا وإفريقيا ودول الخليج، وهذه المناطق هي التي نركز عليها في الوقت الراهن، ولا مانع من التوسع حال أصبحت الفرصة مواتية. * كيف تنظر إلى شباب وشابات الأعمال ومستقبلهم، وخاصة في القطاع الصناعي؟ أنا متفائل بكل ما يقومون به، ولكن هناك دراسة صدرت مؤخراً اطلعت عليها، تفيد بأن 3% فقط من شباب وشابات الأعمال يتجهون إلى المشروعات الصناعية، وهذا مؤشر خطير، يجب على الجهات المختصة بحث سبب هذا العزوف الكبير، وإيجاد حلول مناسبة تشجع على الدخول في إقامة مشروعات صناعية. * هل لك أن تحدثنا عن مشروع تنفيذ مكيفات توسعة الحرم المدني قبل ما يقارب ال25 عاماً؟ هذا المشروع يعدّ أول مشروع شخصي أنفذه، وهو الانطلاقة الحقيقية لي في مجال الصناعة، حيث نجحنا في الفوز بهذا المشروع بعد تضافر جهود الاستشاري والمقاول في ظل وجود منافسة ألمانية للفوز بالمشروع، ومازالت أجهزة التكييف تعمل حتى الآن بنفس الكفاءة والجودة. الزامل يشرح للزميل فيصل الزهراني نموذجاً مصغراً لأحد المشروعات.. ويظهر حسام نصار عبدالله الزامل في حديثه مع المحرر (تصوير: حمدان الدوسري)