سلّمت السلطات السورية فجر أمس الجانب اللبناني ثلاثة جثامين للبنانيين من بين الذين قتلوا في منطقة تلكلخ السورية الأسبوع الماضي. وقبل التسليم، انطلقت مواكب متعددة من بيروت باتجاه الشمال متجنبة العبور من مدينة طرابلس، فأصوات انفجار القذائف وأزيز الرصاص كان يخترق السمع قبل الوصول إلى المدينة، منذراً أن طرابلس التي اصطلح على تسميتها «قلعة المسلمين» تشهد حرباً ضارية. والتفت سيارات المواكب من خارج المدينة، تجنّباً لرصاص القنص الذي أودى لحد الآن بحياة نحو عشرين لبنانيا، ثم أكملوا الدرب باتجاه مركز الأمن العام في العريضة. لاستلام الجثث الثلاث وهي الحادثة التي أشعلت طرابلس ولا تزال. كان عرّاب الصفقة دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، بالتنسيق مع جهاز الأمن العام اللبناني. تولّت الجهتان التنسيق مع الجانب السوري لضمان تسليم أوّل دفعة من الجثامين، بعدما فشلت محاولات إحضار الجثث الأربع عشرة كاملة. دخلت ثلاث سيارات إسعاف من الجانب اللبناني أرض سوريا. وعند المعبر، وقف ستة مشايخ من دار الفتوى ينتظرون. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً. ورد اتصال بأن العملية ستُرجأ ساعة. مكث موكب الإسعاف قليلاً قبل أن ينطلق. ربع ساعة مرت، لاحت أضواء سيارات الإسعاف. كانت تحمل على متنها جثث ثلاثة لبنانيين قتلوا أثناء توجههم إلى سوريا للجهاد. ألقى المشايخ نظرة على الجثث، قرأوا سورة الفاتحة، أعقبها أمين الفتوى في لبنان الشيخ أمين الكردي بتصريح مقتضب شكر فيه الجهات التي أنجحت العملية، متمنياً عودة الباقين بأسرع وقت. إثر ذلك، صعد شيخ مع كل سيارة إسعاف وتوجّهوا إلى منازل ذوي الضحايا. وفي محلة القبة في طرابلس تم تسليم جثمان عبد الحميد لاغا، وفي المنية تم تسليم جثة خضر مصطفى علم الدين وفي المنكوبين سُلّمت جثة مالك زياد الحاج ديب، لكن المفاجأة أن ذوي الأخير أكّدوا أنّ الجثة لا تعود لابنهم. وخلال ساعة، تبيّن أنها للقتيل محمد المير حيث سُلّمت إلى ذويه. لم تنته قضية اللبنانيين الذين قُتلوا في تلكلخ بعد. وكذلك الاشتباكات التي بدأت على خلفيتها. بالأمس، طُوي الفصل الأول، وتُرجّح المعلومات أن تتوالى الفصول. لا سيما أن المصادر الأمنية تؤكد أن الجانب السوري يمتلك أكثر من 14 جثة للبنانيينن لم يتمكن من تحديد هويتها بعد.