فيما كَانتِ: «الجزيرةُ» تنامُ بإحدى مقلتيْهَا إذا ما كانَ: «الحَدثُ» يُحيطُ بأسوارِها إحاطةِ السّوارِ بالمِعصَم!؛ ظلّت بمُقلَتِها الأخرى يَقِظَةً في متابعةِ ثورٍ قد فرَّ من حظيرةِ البقرِ في جزرِ: (الواق واق)، وذلك جرّاءَ رهافةِ الحِسِّ «الإنسانيّ» الذي تَتمتّعُ به «الجزيرةُ» فَتخشى إذ ذاكَ أنّْ يكونَ ثمّةَ ذئب لم يبرَح الحظيرة بعدُ، وبخاصةٍ أن العمّ: «سام» قد وَكلَ إليها حفظُ «الحظيرة». لرُبمَا أنّها المهنيّةُ في شرَفيَة ميثاقِهَا هي مَن تأبى عليها تالياً إلا أن تجعلَ من: «العجلِ» ثوراً مع أنّ «الثيرانَ» لا ضرورةَ لها لِتُنتِجَ اللبن. وأيّاً ما كانَ الأمرُ.. فلقد جاءناَ مِن خبر ال: «مُباشرِ» ما فيهِ مُزدَجر؛ فما أغنتنَا آياتُ الانقلابات وما فيها من النُّذر. ولعلّهُ ما مِن أحدٍ فينا إلا وقد كانَ شاهداً على منجزَاتِ: «الجزيرةِ»، وما أحسِبُ أنّ أيّامَ ميادين الربيعِ في أوطاننا العربيّة بسرٍّ! وهل باتَ أحد يُمكِنُهُ أنْ ينسى: «الذئابَ» لمَّا أنْ عوت في: «التحريرِ» فاستأنستِ: «الجزيرةُ» إذ عوت! وصوّتَ: «إنسانٌ» في: «واقف» فكادت تطير؟! يا أيّها الإنسانُ.. ألاَ ما أتعسكَ إذ تجعل مِنكَ: «الجغرافيا» و: «الميديا» إنساناً في بلدٍ وفي آخر: «نسناساً»، تناقضٌ ما لنا إلا السّكوتُ عليه! وبأيّة حالٍ.. فسنموتُ كلّنا وفي أنفسِنا شيءٌ من: «إنسان» هذا الوطنِ العربيّ الكبير. ولئن عَجَزتُ عن فكِّ شفرةِِ هذا المرّكب المعقّدِ: «الإنسان» وكثيراً ما أعجَزُ، فأبادر مِن حينِها إلى أبي عثمان- الجاحظ- إذ أتوسّلُ كتابَهُ: «الحيوان» ابتغاءَ أن أفكَّ شيئاً مِن مغاليقِ هذه الشفرةِ فأقرأ… وأقرأُ…، وكانَ مما قرأتُهُ قولَه: «لأن هذه السباع القوية، الأسد والنمور والببور، لا تعرض للناس إلا بعد أن تهرم فتعجز عن صيد الوحش، وإن لم يكن بها جوع شديد فمر بها إنسان لم تعرض له. وليس الذئب كذلك. فالذئب أشد مطالبة. فإن خاف العجز عوى عواء استغاثة فتسامعت الذئاب وأقبلت، فليس دون أكل ذلك الإنسان شيء»، فأقسمُ بالله تعالى غير حانثٍ أنّي ما عرفتُ ابن الأسد: «بشاراً» جيداً، ولا ابن الذيب: «محمداً» إلاّ لَمّا أنْ أدمنتُ قراءةَ: «حيوانَ» الجاحظ! ويُمكنُكم أنْ تجرّبوا ذلك بأنفسِكم. بقيّة القول: إننا لنحتاجُ إلى مثلِ: «يعقوب» ابتغاءَ أن يرتفعَ: (الظلم) عن الذئب ذلك أنّه لم يأكلُ: «يوسف».. كما أن براءةَ: «ذئبنا» قد كفلَها له القرآن الكريم قال الله تعالى:«وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ».