يرى محللون مطلعون أن المبادرة العربية التي كثر الحديث عنها قد تنقذ الرئيس بشار الأسد ونظامه، لكن فرص نجاحها في حل الأزمة سلميا أو في إنقاذ النظام على حد سواء تبدو ضئيلة جدا. وفيما بات النظام السوري أمام تحدي تطبيق هذه المبادرة لجهة وقف العنف وسحب السلاح من الشارع، لا تملك الجامعة العربية بحسب المحللين آلية حقيقية يمكن التعامل من خلالها لمراقبة أي إخلال لسوريا بتعهداتها والتزاماتها. لكن السؤال الأهم بنظر الشعب السوري هو: ماذا ستفعل الجامعة العربية إذا لم يطبق النظام السوري الخطة؟ من الناحية الإجرائية، يحتاج الاتفاق بين سوريا والجامعة العربية إلى شرطين كي ينجح ويعطي مفعوله المرجو: أن يلتزم النظام السوري بالتنفيذ، وأن يكون قد تخلى فعليا عن النهج الأمني الذي تعامل به مع الشعب منذ بداية الأزمة. لكن حدث عكس ذلك، سقوط نحو خمسين قتيلا في اليومين الأخيرين فقط، لا يشير بأي حالة من الأحوال إلى تغيير في العقلية الأمنية. وعدا عن أن هذا الاتفاق كلف نحو أربعمائة قتيل ومئات الجرحى والمعتقلين منذ بدء ما سمي المهلة العربية، فإنه في المقابل لم يفرض أي قيد على أجهزة النظام القمعية أو ميليشياته المدنية (الشبّيحة) التي بقيت قادرة على الحركة في كل اتجاه والاستمرار في القتل، تحت أنظار ومراقبة الجامعة العربية. والواقع أنه ما كان النظام السوري ليوافق من دون تحفظات على اتفاق مع الجامعة لو لم يكن واثقا بأنه اتفاق لمصلحته، ولن يضطره إلى تقديم أي تنازل أمني أو سياسي. ومنذ أن طُرح ونوقش في الدوحة، كان واضحا أن هذا الاتفاق معني بالدرجة الأولى إنقاذ النظام من الورطة التي وقع فيها ولم ينجح في الخروج منها وليس إنقاذ الشعب السوري الأعزل من تسلط ووحشية النظام الدموية. وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي السوري سلام كواكبي أن “الجامعة العربية جمعية تمثل الأنظمة العربية وتسعى لحمايتها”. وأضاف كواكبي الذي يشغل منصب مدير الأبحاث في “المبادرة العربية للإصلاح” إن “الكثير من الدول العربية تحاول إجهاض أي تحرك تحرري، حتى النظم التي تعلن إعلاميا إنها مع الحرية”. ويعتبر النظام السوري أن وقف العنف وسحب الآليات العسكرية من المدن وإطلاق المعتقلين، خطوات كافية بالنسبة إليه لتشجيع جميع المعارضين على المشاركة في حوار يُعقد في دمشق وليس في القاهرة كما هو مقررا في المبادرة. وقد يجد النظام السوري في المبادرة فرصة سانحة لربح المزيد من الوقت بحسب المحللين، لكنه أصبح مكشوفا بها وتحت المجهر العالمي والداخلي لإثبات مدى التزامه بها. وهكذا فإن التحرك العربي استطاع أن يضمن للنظام السوري أن يكون المطروح ليس إسقاطه وهو مطلب الشعب وإنما الإصلاح بواسطته ومن خلاله. وبالمختصر المفيد إبقاء الحال على حاله!!