الزيارة التي قام بها لبغداد مؤخراً السفير السعودي لدى الأردن فهد عبدالمحسن الزيد خطوة مهمة من الضروري أن تتبعها خطوات أهم. فملف السعوديين المعتقلين في العراق مسألة وطنية من المخجل التقصير في التعاطي معها. أعرف أنه ملف شديد التعقيد إذ إن جماعات دينية متطرفة وأخرى سياسية في المنطقة قد وجدت في شبابنا خامة جاهزة لاستغلالهم في ألاعيب سياسية انتهت بهم إلى الموت العبثي أو إلى سجون المالكي. طريقة التعامل مع كثير من شبابنا في المعتقلات العراقية ليست بريئة من العنصرية الطائفية البغيضة. وهم -بلا استثناء- قد أضاعوا سنوات عزيزة من أعمارهم في البحث عن الوهم في العراق. ويا ليتنا نحاسب من ضلل شبابنا وقادهم إلى ميادين الموت العبثي، من أفغانستان إلى بغداد. الرقم المعلن لعدد المعتقلين السعوديين في العراق بلغ 62. لكن المتداول أن مئات من شبابنا ما زالوا يبحثون عن مخرج من ورطتهم في اليمن وباكستان وأفغانستان وخارج سجون العراق. مأساة أن يُستغل الشاب السعودي في لعبة سياسية أكبر منه قبل اعتقاله ثم يُستغل سياسياً خلال اعتقاله كما تفعل حكومة المالكي اليوم! هؤلاء الذين يضللون شبابنا، باسم الجهاد، ويحرضونهم على الانخراط في جحيم الموت العبثي يتحملون المسؤولية الكبرى تجاه موت شبابنا وضياعهم وعذابات أهلهم. إنهم يرسلون أبناء الناس للموت العبثي في كل بقاع الدنيا لكنهم قليلاً ما يشجعون فلذات أكبادهم على فعل ما يحثون أولاد غيرهم على فعله. كل سجين في معتقلات العراق وراءه قصة. ولا أظن أن قصة أي منهم تخلو من فتوى أجاز بها صاحبها ضياع شبابنا في أتون الحروب وألاعيب السياسة المعقدة.