كان أورهان باموق يصرخ «أنا أكتب لأنني غاضب منكم جميعاً، غاضب من الجميع، وأحتاج أن أكتشف الجراح بمزيد من الصبر وأعرفها، وألقي الضوء عليها»، ولا أعتقد أن قيناننا غاضب من الجميع، كما أجزم بأن الاستمرار في الكتابة وتحمل المزيد من الجراح والصبر، كلفة يستطيع أن يدفع فاتورتها رجل اعتاد على ضرب البرك الراكدة، وباعتراف القريب والبعيد ستحمل مدرسته القينانية ألق منقبة القضاء على الفصل الواحد، ورفع هامش الحرية حد المتاح. وهو الذي يرحل بالضجيج أينما حل، ويسير في منتصف الطريق لا على هامشه، وفي كل الأحوال هو قامة بارعة في تجاوز الألغام وضبط الساعة تجاه توقيت الكلام وتوقيت الصمت والمغادرة بكل الكبرياء حين يحين وقت حزم الحقائب. لا أعرف هل من المعتاد أن يكتب كاتب مقالاً عن رئيس تحرير صحيفته، ولكنني «سأدبك» اليوم في الكتابة عن «معزبنا» قبل أن «يهل» الأستاذ خالد الأنشاصي باتصالاته وسؤاله المعروف: «أين المقال يا صاحبي؟!». أنا هنا لاأريد كقارئ أن أمدح جوكر ملعب الحبر العريق على أربعين عاماً خاضها بين رحى الورق، فهو في غنى عن مدحي، ولكنني أريد أن أوجه له السؤال المفضل لدى كل كاتب: لماذا تكتب.. ولماذا كتبت؟ يقول سمير عطا الله إن تشيخوف قال للكاتب إيفان بونين لا بوتين في درسه الأول له: «لا تدع يدك تخمل. اكتب طول الوقت طول حياتك». ثم قال أي تشيخوف: «لماذا تعتقد أن تولستوي يمتدحنا؟ لأنه ينظر إلينا كأطفال. كل ما كتبناه لعب أطفال بالنسبة إليه» ولا شك أن قينان الآن يضحك، هذا إذا وجد وقتا للقراءة مع هذا الأسطول من الكُتَّاب، تشيخوف يقول أيضاً لكاتب شاب «نصيحتي أن تكتب. اكتب. واستمر تكتب إلى أن تلتف أصابع يدك على بعضها». بماذا ينصح قينان ُكتَّاب البلد الشباب؟