تنفست الحكومة الإسبانية الصعداء أمس بعدما تعرض رئيس وزراء إقليم كتالونيا أرتور ماس لنكسة خطيرة في مساعيه لاستقلال الإقليم الشاسع ذي القوة الاقتصادية، الذي يقع شمال شرقي البلاد. فالحزب القومي الكتالوني الذي يتزعمه ماس لم يخفق في الحصول على الأغلبية المطلقة التي سعى إليها في الانتخابات المبكرة التي جرت الأحد فحسب، لكنه أيضا خسر 12 مقعداً في البرلمان الإقليمي. ودعا ماس إلى إجراء انتخابات قبل عامين من موعدها المحدد في محاولة لحشد التأييد لخطته بعمل استفتاء في غضون أربع سنوات حول ما إذا كان يجب أن يكون لسكان الإقليم البالغ عددهم 7.6 مليون نسمة -أي أكثر من سكان بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل الدنمارك وفنلندا- “دولة خاصة بهم”. وقال ماس إن نتائج الانتخابات فتحت الباب أمام “فترة للتفكر ملياً”، مشيرا إلى أنه لم يتخل عن خطته لإجراء استفتاء، وأوضح أن “الوضع ليس سهلاً، ولكننا سنمضي قدماً”. وقال محللون إنه يمكن لماس القيام بهذا في حال توصل إلى اتفاق مع الأحزاب الانفصالية الأصغر، والتي عوض صعودها تراجع الائتلاف القومي ليمين الوسط “سي آي أو” في برلمان الإقليم. أما الأحزاب الانفصالية المتطرفة مثل حزب اليسار الكتالوني (إي آر سي) -الذي أصبح ثاني أكبر حزب- فمن الممكن أن يتردد في الانضمام إلى الائتلاف القومي ليمين الوسط، المحافظ سياسياً. وفي نفس الوقت، يتعين على ماس أن يناضل ضد المعارضة التي لا تلين من قبل حكومة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، والتي ترى أن انفصال الإقليم أمر “لا يمكن تخيله” وتعتزم إعاقة أي استفتاء في هذا الشأن عبر المحكمة الدستورية. وترجع جذور الحركة الانفصالية الكتالونية في شكلها الحالي إلى حقبة ديكتاتورية الجنرال فرانسيسكو فرانكو (1939 -1975)، حيث جرد فرانكو الإقليم من السلطات التي منحت له خلال الجمهورية الثانية بإسبانيا التي استمرت حوالي خمس سنوات (1931- 1936) ومنع تدريس اللغة الكتالونية في المدارس. وبعد وفاة فرانكو في عام 1975، منحت إسبانيا الديمقراطية إقليم كتالونيا حكماً ذاتياً واسع النطاق، بما في ذلك سلطات واسعة في السياسات الصحية والتعليمية. برشلونة | د ب أ