دعت ندوة (التدريب وأهميته في التنمية الاقتصادية) التي نظمتها غرفة الشرقية أمس الأحد 11/11/2012 إلى تنظيم وتطوير قطاع التدريب من كافة النواحي انطلاقاً من أهمية العنصر البشري للتنمية. وشددت الندوة إلى ضرورة إيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص ووضع استراتيجية وطنية للتدريب بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، تضمن الربط بين مخرجات التدريب وحاجة سوق العمل المحلي، وتحاكي النمو الاقتصادي للمملكة. وأوضح رئيس لجنة التدريب في غرفة الشرقية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز الربيعة، في ورقة عمل بعنوان (الاقتصاد الوطني وواقع التدريب)، بأن المملكة تمر بنهضة وتنمية كبيرة في مختلف القطاعات (الصناعية، والعمرانية، والتجارية، والتعليمية، والاجتماعية)، الأمر الذي يؤكد أهمية تأهيل وتدريب الكوادر البشرية لمحاكاة هذا النمو. وتطرق إلى (واقع التدريب في المملكة) وذكر أنه غير متطور فنياً، ويتسم بشدة المنافسة، ويعاني ضعفاً في الجانب المهني والهندسي، وشبه غياب للتدريب الميداني (على رأس العمل). ويدعو الربيعة إلى التنظيم والتخطيط لقطاع التدريب، وتأهيل وتصنيف مراكز التدريب، وفق استراتيجية وطنية للتدريب الفني والمستمر للشباب. أما المساعد في التعليم والتعلم وتنمية الموارد البشرية في معهد الإدارة العامة في الدمام د. محمد بن محمد باجنيد فقد قدم خلال الندوة ورقة عمل بعنوان (أثر التدريب على التنمية الاقتصادية.. محاولة لعلاج الحلقة الأضعف في العملية التدريبية) فقد أوضح أن أهداف التدريب هي “إكساب الأفراد المعلومات والمعارف المتعلقة بأعمالهم وأساليب الأداء الأمثل لها.. وصقل المهارات والقدرات التي يتمتع بها الأفراد، لتمكينهم من استثمار الطاقات التي يختزنونها.. وتعديل السلوك وتطوير أساليب الأداء التي تصدر عن الأفراد، وذلك من أجل إتاحة الفرص لمزيد من التحسين والتطوير في العمل وصولاً إلى أعلى مستويات الإنتاجية”. وقال إنه ومن خلال النظر إلى مكونات العملية التدريبية يمكن أن نرجع ضعف أثر التدريب إلى ضعف الاهتمام بعملية تحديد الاحتياجات التدريبية، وعدم العناية بتصميم وتجهيز البرامج التدريبية، وعدم العناية بمستوى تنفيذ هذه البرامج، وعدم الاهتمام بتقييم مستوى فعاليتها، وضعف تأهيل القائمين على التدريب في مؤسسات القطاعين العام والخاص، إضافة إلى وجود صعوبات تواجه العاملين في الاستفادة من التدريب وتطويعه في تطوير العمل. وأكد باجنيد على أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية، وعرّفها بأنها جوانب النقص التي قد يتسم بها أداء العاملين في منظمة ما – لأي سبب من الأسباب ويجب أن تتضمنها برامج التدريب المقدمة إلى هؤلاء العاملين بما يعمل على تحسين هذا الأداء.. واعتبرها الحلقة الأضعف في العملية التدريبية، ذلك لأن الاستجابة إلى الاحتياجات تتم على أساس مجرد الإحساس والشعور وليس على أساس الاحتياجات الفعلية هي المشكلة الأولى التي تواجه المتخصصين في مجال التدريب والتطوير. مؤكدا على أن تحديد الاحتياجات التدريبية محور أساسي لنجاح العملية التدريبية. وعن أسباب عدم الاهتمام بعملية تحديد الاحتياجات التدريبية؛ فذلك عائد إلى تعجل تنفيذ البرنامج التدريبية، والاهتمام بالكم دون الكيف، واعتقاد مسؤولي التدريب بصعوبة جمع المعلومات وتحليلها. وأضاف أن عملية تحديد الاحتياجات التدريبية تفتقد في كثير من المنظمات إلى آلية فعالة تضمن تحقيق أهداف المنظمة وأهداف العملية التدريبية بكفاءة. وأوضح أن أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية تبرز في أنها المرحلة الأساسية التي تقوم عليها العملية التدريبية ككل، وذلك لأنها: تضمن توجيه التدريب للأفراد وفقاً للحاجة الفعلية للعمل، وبالتالي توفير الوقت والجهد والمال.. وتضمن اهتمام الإدارات العليا بالتدريب حينما يوجه لتلبية الاحتياجات الفعلية للعاملين، وبالتالي زيادة كفاءتهم في تحقيق أهداف المنظمة. وقال إن الآلية المقترحة لتحديد الاحتياجات التدريبية تتمثل في تحديد الأفراد المطلوب تدريبهم ونوع التدريب المطلوب ومدة البرامج والنتائج المتوقعة منهم.. وتساعد على تحديد أهداف التدريب بدقة.. وتساعد في جودة تصميم محتوى البرامج التدريبية، والوسائل المستخدمة في التدريب واختيار المتدربين، وكذلك تقييم برامج التدريب. وتبين مدى استحقاق الأفراد لبرامج التدريب. وتسهم في تخفيض التكاليف ومنع الإهدار. أما مدير إدارة التدريب التربوي والابتعاث في الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية د. عادل بن عبدالمحسن الضويحي فقد تحدث خلال الندوة عن (التدريب التربوي ودوره في التنمية المستدامة)، وقال إن “الموارد البشرية هي الثروة الرئيسة للدولة، وإن التنمية البشرية هي الطريق للتنمية المستدامة، وإن التعليم يعتبر أداة وطنية لتطوير وتنمية الموارد البشرية، مؤكدا على ضرورة الاستثمار في الإنسان المواطن، للإسهام في النهوض بالمجتمع والمشاركة في النمو الاقتصادي والاجتماعي والوصول إلى مجتمع المعرفة”. وأشار إلى دراسة صدرت مؤخرا بعنوان “دور التدريب التربوي في تنمية الموارد البشرية” للدكتور خلف الغامدي (مشرف تدريب تربوي) وأجريت على 210 معلمين ثانوي من أصل 523 معلما خلال العام الدراسي 1431/1432ه، وقد ركزت هذه الدراسة على ثلاثة جوانب هي (جودة العملية التدريبية.. وإسهام التدريب في تنمية الموارد البشرية.. ومقترحات لتطوير وتحسين التدريب التربوي)، وذكر أن أهم نتائج الدراسة، أنها قدمت مجموعة مقترحات لتطوير وتحسين التدريب التربوي، وأبرزها: “زيادة الفرص التدريبية خارج أوقات الدوام الرسمي.. والربط بين المحتوى التدريبي والواقع التعليمي.. والاستفادة من الإمكانيات المادية والبشرية بشكل فعّال.. ومراعاة خصائص وطرق تعليم وتدريب الكبار. وأشار الضويحي إلى أن الدراسة المذكورة دعت إلى تطوير وتحسين التدريب من خلال القيام بعملية “قياس أثر التدريب على المتدربين في مواقع عملهم.. وتوفير الحوافز الكافية للمتدربين لضمان مشاركتهم.. وتقدير الاحتياجات التدريبية للمتدربين بشكل مستمر ودقيق.. والاستفادة من تجارب الدول المتميزة في التدريب.. وزيادة الاعتمادات المالية المخصصة للتدريب”. أما مدير عام شركة طيف العربية للتعليم والتدريب التقني عبدالغني بن عبدالجليل الرميح فقد تحدث عن (دور التدريب في التنمية) أكد فيها على أن الفصل بين أنظمة التعليم والتدريب والتنمية واحتياجات سوق العمل يعني فصم حلقة الوصل في سلسلة العمل والإنتاج وإحداث الخلل في الواقع الاقتصادي، الذي يلقي بثقله على الواقع التنموي والاجتماعي لأيّ مجتمع، وقد أدركت الدول المتقدمة وعدد من دول شرق آسيا هذه الحقيقة فبادرت لتطوير أنظمتها وعمدت لربطها باحتياجات سوق العمل فحققت تنمية مستدامة وتقدماً ملحوظاً. وقال إن أيّ محاولة للتنمية من خلال المواءمة بين أنظمة التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل بغض النظر عن مستوى تطوره أو تأخره، لا يمكن أن تؤتي نتائج حقيقية وإيجابية ما لم تقم على أساس إصلاح أنظمة التعليم والتدريب وربط هذه الأنظمة بسوق العمل ربطاً فعالاً، ومعنى ذلك أن تكون تلك الأنظمة فعالة من وجهة النظر الاقتصادية، ولا بدّ أن تقوم على أساس الشراكة الحقيقية بين المزوّد والمتلقّي، وأن تكون مرنة وديناميكية قابلة للتشكّل وإعادة التكييف بناء على احتياجات سوق العمل والخطط الاقتصادية الآنية والمستقبلية بدلا من أن يتمّ تكييف الاقتصاد وأسواق العمل على أساس مخرجات تلك الأنظمة.. وأن تكون قادرة على وضع أطر واضحة تربط المؤهلات الأكاديمية والمهنية في مسارات تطور وترقٍّ واضحة؛ بحيث تتمكّن من تغذية سوق العمل بما يحتاجه من كفاءات وطاقات بشرية لازمة لعملية الإنتاج والتشغيل من جهة، وتعطي المورد البشري الفرصة للتطور والترقي من الجهة الأخرى، مما يعزّز ديناميكية الاقتصادات الوطنية. وأشار إلى أن مخرجات التدريب هي ذاتها مدخلات سوق العمل؛ لذا فإن أيّ خلل في أنظمة التعليم والتدريب لا بدّ أن تقابله حالة من الإرباك والتشوّه في صورة سوق العلم، وفي المقابل فإن أيّ خلل أو تذبذب أو تشوه في سوق العمل تقابله حالة من عدم جدوائية التدريب. أما المدير العام لمعهد مدار الخليج للتدريب سعيد بن إبراهيم الحبابي فقدم ورقة بعنوان (التدريب واحتياج سوق العمل السعودي) قال فيها إن القوى العاملة تعتبر أهم عنصر من عناصر الإنتاج والدعامة الأساسية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والتقدم والرفاهية الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة للشعوب في أي مجتمع، بغض النظر عن توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك.. مشيرا إلى أن المملكة تتميز بثروة الموارد البشرية؛ فهناك نسبة عالية من الشباب يمكن أن يتم تحويلهم من عبء ضاغط على الموارد إلى طاقة منتجة، وذلك من خلال تنمية قدراتهم وكفاءاتهم الإنتاجية وتزويدهم بالمهارات والخبرات والمعارف المتجددة. وذكر أن هناك إجماعا حول دور وأهمية التدريب التقني والمهني في زيادة مستوى الإنتاجية وتحسين القدرة التنافسية لمختلف أنواع وأشكال المنتجات مما يساهم في زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة، وقد تزداد أهمية التدريب التقني والمهني في ظل المتغيرات والتطورات التقنية السريعة التي بمر بها العالم اليوم. وعن الوضع الراهن للتدريب في المملكة قال عنه إنه يعاني “عدم وجود رؤية موحدة للتحديات التي تواجه أنظمة التدريب، وعدم وجود دراسات واقعية ومتكاملة لحالة ومتطلبات سوق العمل من العمالة المؤهلة والماهرة، وإن جهود التدريب لاتزال مبعثرة في نظمها وتخصصاتها ومناهجها، ومعظم هذه الجهود مدفوعة بدوافع العرض وليس بدوافع الطلب.. وكذلك عدم وجود آلية مدروسة ومحدودة لتمويل عمليات التدريب المختلفة، سواء للتدريب الأساسي أو التدريب ما قبل الخدمة أو أثناء الخدمة. كما دعا الحبابي إلى حوار دائم وتنسيق بين الجهات المعنية والقطاع الخاص، لإرساء قواعد ولوائح تدريب ونظام قوي وعملي ومرن في الوقت نفسه، مدفوع باحتياجات سوق العمل يقوم على أساس طرق منهجية وواقعية لتطوير وتنفيذ المستويات القياسية من خلال التدريب التقني والمهني بمستوياته وأنواعه المختلفة.. مشددا على ضرورة تقديم الدعم اللازم لمعاهد التدريب الأهلية التي تقدم برامج متميزة ومتوافقة مع سوق العمل. وقال الحبابي إن من النتائج المتوقعة من تنفيذ هذه السياسات العامة الرامية لتحقيق الربط بين مخرجات التدريب التقني والمهني واحتياجات سوق العمل هو “تحقيق ملتقى للحوار بين كافة المسؤولين في الوزارات المعنية، ومتخذي القرار مع أرباب العمل وأصحاب المصانع.. وغيرهم، وذلك لمناقشة سبل الإصلاح الهيكلي للتدريب التقني والمهني في المملكة وإدارة حوار مجتمعي شامل”، اضافة إلى “تحقيق التعاون بين مقدمي خدمات التدريب من القطاعين العام والخاص، وطالبي الخدمة سواء على مستوى الشركات والمصانع أو على المستوى الفردي لوضع البرامج والدورات والمناهج التي تهيئ المتدربين لاحتياجات سوق العمل بما يتمشى مع المستويات العالمية للجدارة والمهارة”. وأضاف أن من النتائج المتوقعة جراء تلك السياسة أيضا هي “، وخبراء في المجالات الاقتصادية المختلفة ومتخصصون في المهن والحرف ذات الصلة، ومشاركة أصحاب المصلحة من القطاعات الاقتصادية المختلفة في التخطيط والتنفيذ لجميع خطوات التأهيل والتدريب من حيث تحديد مواصفات المهن والتوصيف الوظيفي ووضع المناهج والمحتويات التي تحقق مستوى المعارف والمهارات والجدارات المطلوبة لكل مهنة طبقا لمتطلبات السوق. أما مدير فرع صندوق تنمية الموارد البشرية في المنطقة الشرقية (هدف) طارق بن محمد الأنصاري فقد قدم ورقة عمل بعنوان (التدريب واحتياجات سوق العمل) أكد فيها على أن المورد البشري هو العمود الفقري الذي تقوم عليه الأمم باعتبار الإنسان هو صانع التنمية وهدفها ولأجله تأسست سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن الفصل بين أنظمة التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل يعني فصم حلقة الوصل في سلسلة العمل والإنتاج، وإحداث الخلل في الواقع الاقتصادي الذي يترتب عليه فجوات وسلبيات اجتماعية وأمنية. واستعرض الأنصاري المؤثرات المساعدة على الفجوة بين التعليم والتدريب واحتياجات السوق، وحددها في النمو المتسارع في الاقتصاد وآليات العمل والإنتاج مقابل الجمود في بعض أنظمة التعليم والتدريب، وضعف أو غياب ثقافة التدريب والعمل والإنتاج بين أوساط المواطنين.. وتدني مستوى أداء المعاهد التدريبية الخاصة الحالية والبرامج الموجهة.. ووجود فجوة بين المزوّد والمتلقّي لأن مخرجات التعليم والتدريب هي ذاتها مدخلات سوق العمل.. إضافة إلى وجود خلل في أنظمة التعليم والتدريب قابله حالة من الإرباك في سوق العمل ترتب عنه بحث السوق السعودي عن مصادر أخرى تضمن استمراريتها ونموّها، وتحوّل بذلك مخرجاتنا إلى بعض الطاقات المعطلة لنرى ظاهرتين (زيادة الباحثين عن عمل، وإرباك سوق العمل). ومن أجل تقليص هذه الفجوة يرى الأنصاري ضرورة إيجاد آلية ربط حقيقية بين الكيانين، وحتى تكون هذه الآلية فعالة، تتوفّر فيها مجموعة من المواصفات منها الشراكة الحقيقة في صياغة المناهج وطرق التعليم والتدريب بين المزوّد والمستفيد.. ووضوح الأهداف والتوافق عليها.. ووضوح المسارات الأكاديمية والمهنية لكلّ من المزوّد والمستفيد.. والمرونة وإمكانية التحديث والتطوير.. وإشراك القطاع الخاص (المستثمرين) وسوق العمل في تقييم مخرجات التعليم، وتطوير الأنظمة الخاصة بالتعليم والتدريب، وتفعيل الفرص التدريبية والتطويرية للموظفين. كما دعا إلى حملات وطنية لتعزيز ثقافة التدريب بين المجتمع، وإيجاد نظم جديدة لتوسيع قاعدة التدريب العملي التفاعلي ليشمل طلاب المدارس والجامعات بهدف إكساب الطلاب مهارات العمل الأساسية في مرحلة مبكرة. الدمام | محمد ملاح