هل الوطنية قول أم فعل؟ هل الوطنية تنظير أم ممارسة؟ هل الوطنية ادعاء أم قناعة؟ هل الوطنية ارتقاء أم رقي؟ وتكثر الأسئلة المشابهة، وقد لا نجد من ينفي الوطنية عن نفسه، بالرغم من أن سلوكياته تؤكد عدم علاقته بها، من قريب أو بعيد. غير أن السؤال الأهم، وهو سؤال إشكالي عند بعضهم، يتمثل في طرح مباشر يتصل في طرح موضوع الوطنية بين المواطن والمسؤول! وهل يمكن أن يكون المواطن مقابل المسؤول؟ أليس المسؤول مواطناً قبل المسؤولية وأثناءها وبعدها ودوما؟ وهنا تكمن المقارنة، والمقاربة. فهل المسؤول أكثر وطنية من المواطن؟ وهل تقاس الوطنية بحجم تحمّل المسؤوليات؟ قد يصعب الخروج برؤية محددة! والأسئلة تترى، فهل ترتبط الوطنية بالولاء للشخص الأعلى في المنظومة الإدارية على مختلف مستوياتها؟ يتوهم بعضهم ذلك. ولذا، يجهد نفسه في إرضاء المسؤول الأعلى، أو المبالغة في استعارة كافة قصائد المدح والرثاء، الموجودة في الثقافة العربية، وما أكثرها؛ ليستعمل كل منها حسب الحالة التي يحتاجها. وفي كل ذلك يتركز الاهتمام على الشخصية لا على الوطن، وكأن الارتباط بينهما أمر حتمي! كثيرون يعتقدون أن رب الأسرة يعمل جاهداً لمصلحة أسرته! بالتأكيد هذا هو المفترض، لكن هل هذا هو الواقع دائماً؟ هل يمكن للأب أن يتصرف ضد مصلحة أبنائه؟ هناك من يعمل كذلك عن قصد، وتلك حالات يمكن أن توصف بأنها شاذة، ولا حكم لها هنا. غير أن المهم جداً، من يعمل فعلاً ضد مصلحة من تحت يده من أبناء أو عاملين، معتقداً إن إساءته إحسان، وأن اجتهاده من أجل مستقبلهم، مع أنه تدمير لهم! يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن! هل يمكن أن يكون التدمير في التدبير؟ قد يحدث ذلك على مستوى الفرد والجماعة والقبيلة، وأكبر من ذلك. ومن هنا يتكرر السؤال الذي طرحه عنوان المقالة. هل ترتبط الوطنية بالمسؤولية، وتزداد الوطنية مع زيادة مسؤوليات صاحبها على المستوى الوظيفي الحكومي؟ أو المكانة الاجتماعية صنعاً أو وراثة؟ يفترض أن يكون الجواب بالنفي، لكنه ليس محل إجماع! ألا يمكن أن يكون المواطن أكثر وطنية من المسؤول مهما علت مرتبته؟ الجواب يحتاج إلى وقفات تطول وتكبر بحجم الوطن! ويجدر التأكيد أن الحكم يجب أن ينبع من خلال تقييم السلوك الذي يقوم به هؤلاء الأشخاص، بعيداً عن الأقوال. وإذا كنا على يقين أن المواطن قد يكون أكثر وطنية من المسؤول، فإن بعض المسؤولين بالتأكيد أكثر وطنية من بعض المواطنين. ويحدث هذا حين تنتفي الذات والمصلحة والإخلاص لها، إلى الحرص الأعمق والأقوى على العمل الذي يخدم المصلحة العامة على المستوى الوطني. غير أن المشكلة الكبرى تبرز حين تتداخل المسائل ويصاب بعضهم بعمى الألوان الوطني؟