مما لا يدع مجالا للشك حالة التسيب في بعض الدوائر الحكومية الخدمية من قبل الموظفين لدرجة أنها أصبحت ظاهرة يشتكي منها الجميع. فالموظف الحكومي مطلوب منه فقط الحضور في الصباح والمغادرة نهاية الدوام وما بين ذلك مفقود يسرح فيه ويمرح بلا حسيب ولا رقيب. ولا تستغرب ذلك، فالموظف اليوم زادت ثقافته القانونية في مؤسسته وعرف ما له وما عليه، وأهم ما في ذلك أن الإنتاجية ليس لها مقياس في العمل الحكومي وأن من ينتج خلال سبع ساعات دوام كمن يحضر وإنتاجه صفر لا فرق بينهما، فالترقية تشملهما والتقاعد محدد ومعروف. أصبح موظف اليوم بمجرد أن ينضم اسمه إلى سجل الموظفين يبدأ التسيب والتسرب من العمل وتأجيل عمل اليوم إلى الغد وهكذا حتى ضاعت مصالح الناس وربما حقوقهم ولكن ماسبب ذلك كله. السبب أننا نعاني مما يسميه علماء الاجتماع (الوهن الوظيفي) وهومصطلح يعبر عن خلل في أحد الأبنية المكونة للمجتمع مما يؤثر على وظيفته الأساسية. قد يكون هذا البناء أسرة أومؤسسة حكومية أو أهلية. وسبب هذا الوهن لدينا أوهذه الظاهرة هي نظام الموظفين، فالنظام المطبق في المؤسسات الحكومية مضى عليه أكثر من نصف قرن دون تطوير. ولايتلاءم مع موظف اليوم الذي تغيرت عقليته وتفكيره بالتالي سلوكه بسبب التغيرات الاجتماعية الحديثة فأصبح لزاما التطوير من خلال تحديد آلية للإنتاج يكون لها تأثير مباشرعلى الترقية والتقاعد خاصة بحيث تدخل المعاملات على الموظف بأرقام نستطيع من خلالها كم أنجز من معاملة وبالتالي لايستحق الترقية إلا من أمضى نصابه حتى ولو لم يمض على ترقيته الحالية فترة قصيرة وكذلك التقاعد فليس شرطا أن من يحصل على راتبه التقاعدي كاملا من أمضى الخدمة كاملة بل من يحصل عليه كاملا من بلغ النصاب المحدد من الإنتاجية ولو كانت سنين خدمته عشر سنوات فقط بحيث يكون ذلك مربوطا بالأنظمة الإدارية الحديثة مثل نظام البصمة وغيره من الأنظمة الحديثة المنتشرة في العالم وبذلك سوف نرتقي بالعمل الحكومي، لأن العالم اليوم يبحث عن الإنتاجية فقط ولكن السؤال الأصعب ماهي الجهة المسؤولة عن تطبيق مثل هذه الأنظمة في جميع مؤسسات الدولة بحيث يكون نظاما موحدا؟