يقول عبد الغفار خان صديق غاندي «سأقدم لكم سلاحا فريدا لا تقدر الشرطة ولا الجيش على الوقوف ضده، إنه سلاح النبي لكن لا عِلَم لكم به، هذا السلاح هو الصبر والاستقامة، ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع الوقوف ضده» . في مجتمعاتنا الكل يخاف مِن مَن هو أقوى منه، تجد الابن يخاف من أبيه، والأب يخاف من مديره، والضابط صاحب النجمتين يخاف من صاحب الثلاث، والعامل يخاف من كفيله، وهكذا يستمر المجتمع في العبودية التي نتجت خوفاً من العنف، نريد أن نكسر العلو الفرعوني الذي يتمكن في الأنفس ويرهب الآخرين بعلوه كما في قوله تعالى «إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا». في مجتمعاتنا صنعنا المتملقين الذين يقولون ما لا يعتقدون وذلك خوفا منا، وصنعنا المتسلطين الذين تربوا على التربية العنفية التي لم يشاهدوا غيرها، أنتجنا أشخاصاً منافقين يظهرون ما لا يخفون، كل هذا نتيجة العنف. إننا بالعنف سوف نغير الأقوال ربما لكن لا يمكن لنا أن نغير القناعات، ينبغي أن لا نقاتل الناس لأفكارهم بل أن نقاتل أفكارهم بأفكارنا فالفكرة لا يمكن أن تستأصل إلا بفكرة أقوى منها لا بسُمٍ يقتل المصاب بها أو بعضلات تدفعها، إن من كانت فكرته ضعيفة هو الذي يستخدم العنف ليدافع عنها، إن الطبيب الذي يعالج المريض بالتخلص من المريض هو طبيب فاشل وكما هو الحال الذي يعتقد أنه بالعنف سوف يصل إلى الحل، لا بد أن تكون طبيبا رحيما تكره و تستأصل المرض مع حبك للمريض ولا ننس كلمة سيد قطب عندما قال «إننا دعاة ولسنا قضاة». لماذا نشعر دائماً أنه ينبغي أن نكون كذابين أو منافقين لكي نعيش؟ أليس الخوف من الآخر هو الذي برمجنا على هذا، يقول الشيخ محمد الغزالي «لماذا يملك الإلحاد الكهرباء والذرة ولا نملك نحن إلا الهراوات نهدد بها من يعترض أهواءنا»، إنا إن سرنا بسياسة العنف فسوف نكوّن لنا عنفاً مضادا وتستمر هذه المعادلة في التفاعل وتصبح كالنار يأكل بعضها بعضا وكل يهاجم بالعنف لإلغاء الآخر لا تغيير قناعاته، فبالعنف تتولد لنا الكراهية والحقد والرفض، وباللاعنف يتولد لنا الحب والقرب والاقتناع، يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي «قد يخطئ المسلم في تقديره للمشكلات حين يظن أن الذي ينقصه هو الصاروخ أو البندقية».