بدأ مهرجان الدوخلة بآحاد من حاملي الحنين وهواة جمع التراث. لكنه تحوّل إلى تظاهرة متشعبة الفعاليات بعد ثمانية أعوام من تنظيمه. وبعدما كان جمهوره محدوداً بأبناء البلدة الساحلية سنابس؛ صار المهرجان السنوي قبلة سياحية في المنطقة الشرقية للترفيه والمسرح والشعر والتوعية ودعم الأسر المنتجة، فضلاً عن استحضار ثقافة المنطقة الشرقية وتاريخها وتراثها الضارب في القدم. لكن جوهر ما في الدوخلة هو النشاط التطوّعي الاستثنائي، فذلك العدد المحدود من المتطوّعين تنامى ونطح حاجز الألف متطوّع ومتطوعة عبر الأعوام. والتطوّع في المهرجان تطوّع حقيقيّ جداً، ومجانيّ تماماً، وينمّ عن صدق في الخدمة الاجتماعية التي لا تنتظر أجراً ولا حتى شكراً. وفي إحدى السنوات رصدنا متطوّعين ومتطوعات استثنائيين لم يستنكفوا عن المشاركة في فعاليات المهرجان من مواقع بسيطة جداً. متعلمون بمستوى جامعي يمضون ساعات في تنظيم الحركة المرورية المحاذية لموقع المهرجان. معلمات يؤدين وظائف حراسة في المخيمات النسائية. شبّان وشابات من خارج جزيرة تاروت يؤدون أدواراً مساندة دون تحرّج. ناهيك عن الكوادر المتخصصة التي انخرطت في الفعاليات كلٌّ حسب اهتمامه وميوله. وهكذا لم يعد مهرجان الدوخلة خاصاً بأبناء سنابس وحدها، ولا سكان جزيرة تاروت فحسب.. بل تظاهرة محسوبة على هذا الجزء الغالي من الوطن الكبير. وهو ما أقنع الأجهزة الحكومية بجدية المهرجان وجدواه وقدرته على التجدد والاستمرار والتأثير الإيجابيّ، فراحت تشارك بأجنحتها ودعمها. بل ووصل الأمر إلى حصول المهرجان على مساحة الأرض التي يُقام عليها المهرجان كمنحة من الدولة للمجتمع وفعالياته الناجحة. نشاط بهذا المستوى من التفاعل الجماهيري والتنوّع يستحق دعماً مادياً أكثر من هيئة السياحة ومن القطاع الخاص في المنطقة على وجه التحديد. وعلى وجه أكثر دقة مؤسسات القطاع الخاص في محافظة القطيف.