“أشجع رجل في العالم”، هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة “فليكس”، إلا أن المغامر اختصر وصف مغامرته -منذ اللحظة الأولى التي قرر خوضها وحتى هبوطه- قائلاً: “الأمر قاس جداً”! قسوة تجربة فيليكس النفاث” أتت اختيارية، ولكن ماذا لو تم دفعك قسراً لمغامرة أشدّ؟! تلك هي قصة “جحدر بن مالك” الذي قبض عليه الحجاج بن يوسف لكثرة غاراته وفتكه، فأراد اختبار شجاعته “على الهواء” بمواجهة دامية بينه وبين أسدٍ ضارٍ تمّ تجويعه ثلاثة أيام، بل تمّ تصفيد يده اليمنى بالحديد وربطها إلى عنقه زيادة في “الأكشن”! ووسيلة المساعدة الوحيدة التي أعطيت له مجرد سيف لا يستطيع حمله سوى بيده اليسرى التي لا يجيد القتال بها، فقال جحدر للحجاج: “أعطيتَ المنيّة، وقوّيت المحنة”! ثم أنشأ يقول أبياتاً منها: (إذا جاوزتما نخلات حجر/ وأودية اليمامة فانعياني/ وقولا جحدرٌ أمسى رهينًا/ يحاذر وقع مصقولٍ يماني)، وبينما الحجاج وجلساؤه يراقبون الوضع -على الطريقة الرومانية- تم إنزاله إلى حفرة الأسد الواسعة فانطلق صوبه بزئير يشقّ الأسماع، ووثب فتلقاه جحدر بثبات وناوله بالسيف ففلق رأسه، وسقط جحدر -من هول وثبة الأسد- على ظهره، فكبّر الحجاج والناس! فقال جحدر مشيراً للحجاج: (ولئن قصدت بي المنية عامداً/ إني لخيرك يا ابْن يوسف راجِ/ وعلمتُ أني إن كرهت نزاله/ أني من الحجاج لست بناجِ)! فأكرمه الحجاج وأحسن جائزته! وما يجمع بين “فيليكس النفاث” و”جحدر الفتّاك” -بالرغم من اختلاف مغامرتيهما وظروفهما- تجربة “قاسية جداً”، وبالرغم من نجاحهما إلا أنّ ما من أحدٍ يرغب في تجربتهما؛ خصوصاً من كان (في صدره مريم تقشّر)*! ………. مثل يضرب لشدة الخوف والجزع.