انهارت الهدنة في سوريا ولم يلتزم كلا الطرفين بوقف إطلاق النار، ليس ذلك فحسب بل كان أول أيام عيد الأضحى دمويا بامتياز، فقد قتلت قوات النظام 146 سوريًا مع بداية الهدنة وعاود الطيران الحربي في اليوم التالي قصف المدن السورية دون أي احترام لهذا الاتفاق أو لقدسية أيام عيد الأضحى. وفشلت رهانات الأخضر الإبراهيمي في تحقيق أي تقدم ولو صغير لأجل حل سياسي للأزمة السورية، واتهم كلا الطرفين الآخر بخرق الهدنة، وانهارت أحلام السوريين بأن يقضوا بضع ساعات بعيدا عن أصوات هدير طائرات الأسد وبراميلها المتفجرة. لماذا قبل الأسد بالهدنة ولماذا لم يطبقها ولو لساعة واحدة؟ يرى مراقبون للشأن السوري أن النظام قبل بالهدنة لأنه يرى أن الأخضر الإبراهيمي أتى ليدير الأزمة السورية، بما يضمن استمرارها وذلك في توافق مع رؤية الدول الكبرى والمجتمع الدولي لما يجري في سوريا، وليس لإيجاد حل جذري لها، وقبول الأسد بالهدنة يأتي ضمن هذا السياق ليس أكثر. وفي حين حاول الإبراهيمي من خلال اقتراحه للهدنة أن يسجل (في حال صمدت) تقدما بسيطا في طريق إدارته لهذه الأزمة، طالما أن المجتمع الدولي بدا عاجزا حتى الآن عن تقديم أي حل، في الوقت الذي كرر الإبراهيمي أكثر من مرة أنه لا يملك أي تصور لحل سياسي في سوريا، ويبدو أن فكرة الهدنة لم تكن سوى رهان خاسر قد ينهي مهمة الإبراهيمي التي اعتقد السوريون أنها ولدت ميتة وأنها ليست أكثر من مضيعة للوقت. أما الطرف الآخر في الصراع وهو الجيش الحر فقد أعلن موافقته على الهدنة على مضض، كون النظام لم ينفذ أيّا من الشروط التي وضعها لقبوله الهدنة، وفي نفس الوقت يدرك قادته أن النظام لا يحترم هدنة لن يستفيد منها في تحسين وضعه العسكري، لذا احتفظ الجيش الحر بحق الرد في حال أراد النظام استغلال هذه الهدنة لتحسين مواقعه المحاصرة، وكذلك فإن قادة الجيش الحر أعلنوا منذ البداية أنهم لا يثقون بالنظام معتبرين أنه لا يهمه الشعب ولا المقدسات. وبينما كان السوريون ينتظرون الأمل باستراحة قصيرة من القتل، كانوا لا يصدقون أن نظاما قتل عشرات الآلاف منهم سيحترم هدنة ليفرح أطفالهم بالعيد. وبعد فشل الهدنة، التي وُلِدَت ميتة، يمكن القول إن أي حلٍ مقبل على شاكلة ما اقترحه الإبراهيمي لن يقدم جديداً، وستستمر الأزمة السورية إلا إذا نجح طرف في الحسم عسكرياً.