تبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة الاتهامات بخرق هدنة عيد الأضحى التي أعلنها الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستمرار أعمال العنف في سورية أمس السبت، ثاني أيام العيد، ما أدى مقتل وإصابة العشرات بعدما سجل مقتل نحو 150 شخصاً الجمعة في أول أيام العيد. ففي بيان نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا) السبت اتهمت قيادة الجيش السوري «المجموعات الإرهابية بالاعتداء على بعض المواقع العسكرية يوم الجمعة في خرق واضح لإعلان إيقاف العمليات العسكرية الذي التزمت به القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة»، مفصلة هذه الهجمات. وكان الجيش السوري أعلن مساء الخميس وقف العمليات العسكرية اعتباراً من صباح الجمعة وحتى الإثنين، آخر أيام عيد الأضحى، محتفظاً لنفسه بحق الرد في حال استمرار اعتداءات «الجماعات المسلحة»، أو تعزيز مواقعها، أو تمرير مسلحين وسلاح عبر دول الجوار إليها. من جهة أخرى، أعلن رئيس المجلس العسكري للمعارضة في حلب، كبرى مدن شمال سورية، العقيد المنشق عن الجيش السوري عبد الجبار العكيدي، أن الهدنة التي أعلنها الإبراهيمي «ولدت ميتة» و «فشلت». وأضاف: «أي هدنة؟ الهدنة كذبة، النظام مجرم، كيف يمكنه احترام هدنة؟ هذا فشل للإبراهيمي، مبادرته ولدت ميتة». وتابع: «(أول) امس (الجمعة) كنت في جبهات عديدة والجيش لم يوقف القصف»، وأعرب عن أسفه لتحول الشعب السوري إلى حقل تجارب للمبعوثين الدوليين. وقال: «الشعب السوري بات حقل تجارب. كل مرة يأتي مبعوث باقتراح في حين أننا نعلم أن هذا النظام لن يحترمه. وافقنا على الهدنة من أجل المجتمع الدولي مع أننا نعرف أن النظام لن يحترمها». وتابع: «واجبنا هو الدفاع عن الشعب، ليس نحن من نبادر إلى الهجوم». وأعلن مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «مقتل ثمانية أشخاص السبت في غارة شنتها طائرات الجيش السوري على مدينة عربين في ريف دمشق. هذا أول قصف جوي منذ إعلان الهدنة». وقال عبد الرحمن: «يمكننا أن نقول إنه بهذه الغارة دفنت الهدنة. لم يعد بإمكاننا الحديث عن هدنة». وكان المرصد ذكر في بيان سابق أن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا بانفجار سيارة مفخخة في مدينة دير الزور في شرق سورية، وأوضح أن «السيارة المفخخة انفجرت قرب مطعم ليلتي في الشارع العام بمدينة دير الزور». من جهة أخرى، قال التلفزيون السوري إن «العصابات الإرهابية المسلحة انتهكت مجدداً الهدنة بتفجيرها سيارة مفخخة أمام كنيسة السريان في دير الزور، ما أسفر عن أضرار كبيرة في واجهة الكنيسة». ولم يذكر وقوع ضحايا. والسبت أيضاً قتل أربعة مدنيين أحدهم طفل بنيران الجيش النظامي في درعا (جنوب) ودمشق، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي حلب حلقت الطائرات العسكرية للنظام للمرة الأولى منذ بدء سريان الهدنة فوق عدد من القرى في المحافظة وقصفت المدفعية قرية معرة العرتيق. وتعرضت مدينة حلب نفسها لقصف صاروخي ودارت اشتباكات متقطعة في منطقة سيد علي. وفي محافظة دمشق، قتل مدنيان في قصف ورصاص قناصة. وقصفت مدفعية النظام مدينة دوما في ريف العاصمة وقرى أخرى قريبة، ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، بحسب المرصد. وقال محمد الدوماني، الناشط من حي دوما في دمشق حيث توجد جيوب لمقاتلي المعارضة، إن الجيش بدأ قصفاً بالهاون صباح السبت حيث سمع دوي 15 انفجاراً في ساعة واحدة، ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين. وأضاف إن الوضع الآن لا يختلف عنه قبل الهدنة. وتأتي أحداث العنف أمس، ثاني أيام العيد، بعد مقتل نحو 146 شخصاً على الأقل في أعمال عنف وقعت في سورية الجمعة، اليوم الأول من الهدنة التي ولدت ميتة بعد مخاض عسير تولاه الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي. وأحصى المرصد السوري مقتل 53 مدنياً و50 مقاتلاً معارضاً و43 جندياً. وتتخطى هذه الحصيلة عتبة المئة قتيل، على غرار ما يحصل كل يوم منذ تحولت الانتفاضة ضد النظام إلى نزاع مسلح في الأشهر الأخيرة. ونجح الإبراهيمي في أن ينتزع من طرفي النزاع تعهداً بالتزام هدنة خلال أيام العيد الأربعة، إلا أن كلا الطرفين أكد احتفاظه بحق الرد إذا ما انتهك الطرف الآخر الهدنة. وفي نيسان (أبريل) لم تصمد هدنة فاوض عليها كوفي أنان الموفد السابق سوى بضع ساعات. مقاتلون في «الجيش السوري الحر » يبحثون عن جثث تحت أنقاض مبنى في عربين قصفته طائرة سورية أمس. (رويترز)