تفقد فريق من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» مديرية الشؤون الصحية في محافظة القريات، لتقصي عدد من الملاحظات، لاسيما ما يثار حول وجود شبهة فساد مالي وإداري في المديرية. وكشفت مصادر ل»الشرق» عن أبرز التفاصيل والملفات التي طلبتها هيئة مكافحة الفساد خلال الزيارة، وأنها تشمل: آلية التعاقد والتوظيف وفقاً لنظام التشغيل الذاتي «اللوكم» المعتمد للقطاع الطبي من قِبل الوزارة، لاسيما العقد الموقع مع مدير عام الشؤون الصحية في منطقة الجوف الدكتور عبدالله المعلم، الذي يعمل بموجبه استشارياً للأطفال في المستشفى العام لمدة ثلاثة أشهر وتسعة عشر يوماً خلال الفترة من 1/5/1432ه حتى تاريخ 19/8/1433ه مقابل أجر يومي يبلغ 1667 ريالاً، وإجمالي 181673 ريالاً، مع احتفاظه بمنصبه مديراً عاماً للقطاع الصحي في منطقة الجوف، التي تتبع لها محافظة القريات. وأشارت المصادر إلى أن ثمة قضايا أخرى تدور في السياق ذاته، تمثلت في التعاقد وفق البند ذاته مع طبيب بلغ سن التقاعد كان يعمل لدى وزارة الصحة، وتجاوز الستين من عمره، للعمل مديراً طبياً في المحافظة. ومنها أيضاً تخصيص أحد مسؤولي الإدارة مبنى كبيراً داخل المستشفى العام ليكون سكناً خاصاً له ولأسرته، وتناقُل معلومات عن تخصيصه مساحة من الموقع لتكون حظائر للحيوانات التي يقوم بتربيتها قرب هذا السكن. وبيّنت المصادر أن «نزاهة» طلبت سجل وبيانات الموظفين ومؤهلاتهم والمناصب ومواقع العمل الحالية التي لهم في ظل المعلومات التي تم تناقلها عن سماح الإدارة لعدد من المقربين بمواصلة دراستهم في دولة مجاورة دون تفرغ رسمي أو توفير بديل لهم، إضافة إلى تعيين موظفة متعاقدة غير مؤهلة في منصب كبير، واعتماد مصاريف للتشغيل والحركة مبالغ فيها، ونقل فنيين واختصاصيين لوظائف أخرى إدارية مع استمرار صرف كامل الحوافز والبدلات الممنوحة لهم. أمام ذلك، نفى مدير الشؤون الصحية في محافظة القريات أحمد العلي، كل ذلك بشكل قاطع، وأنه عارٍ من الصحة، مشدداً على عدم خضوعه هو أو أي موظف في إدارته للتحقيق أو المساءلة من قِبل «نزاهة» خلال تفقد فريقها إدارته. وأكد العلي ل»الشرق» أن الزيارة التي نفذتها «نزاهة» لإدارته خلال الأيام الماضية لم تكن للتحقيق أو المساءلة في قضية محددة، وإنما كانت ضمن زيارات أخرى نفذها الفريق لعدد من الجهات والدوائر الحكومية في المحافظة، وذلك في إطار أعمال الرقابة المنوطة بالهيئة، مؤكداً أكثر من مرة أن «نزاهة» لم تُجرِ تحقيقاً رسمياً معه ولم يتم إخضاع أي موظف للمساءلة عن أي قضية فساد إداري أو مالي، ورأى أن الزيارة روتينية ووجدت كل الترحيب والتعاون من قِبلهم. وبيّن أن الملفات التي طلبت «نزاهة» الاطلاع عليها شملت عدداً من السجلات والوثائق الرسمية المتعلقة بسير العمل، وتم التعاون معهم بشكل كامل تنفيذاً لتوجيهات ولاة الأمر بما يحقق الهدف المأمول ويضمن سلامة ونزاهة عمل الجهات الحكومية في البلاد. ودافع العلي عن توقيع إدارته عقد عمل بنظام التشغيل الذاتي مع المدير العام للشؤون الصحية في المنطقة بأجر يومي ضخم رغم أنه لايزال مديراً عاماً للقطاع الصحي في المنطقة، مؤكداً أن ذلك كان وفقاً للنظام المعتمد من الجهات الرسمية، وصرح بأن من يشكك فيه فهو يطعن ويشكك في النظام نفسه. وبيّن أن الوزارة صادقت على ذلك العقد، ما يؤكد أنه لم يكن عقداً سرياً، ويؤكد في الوقت ذاته سلامة موقفهم. وقال إن الدكتور عبدالله المعلم قبل أن يكون مديراً للشؤون الصحية في المنطقة، فهو طبيب واستشاري سعودي مرخص من قِبل الهيئة الطبية، وتم التعاقد معه خلال إجازته السنوية، فما الذي يمنع ذلك؟ وقال إن معظم الأطباء السعوديين في جميع مناطق المملكة استفادوا من نظام التشغيل الذاتي، مبيناً أن إدارته أبرمت أكثر من مائة عقد ضمن هذا البند وبالأجر ذاته سواء مع سعوديين أو مع غيرهم. وأشار إلى أن «نزاهة» اطلعت على عقود الموظفين وبياناتهم وآلية التعاقد معهم، ومسيرات الرواتب، فضلاً عن السجلات الخاصة بالمصاريف الإدارية والمالية للحركة والتشغيل وسيارات الإدارة، وبيانات إسكان الموظفين وتفاصيلها، إضافة إلى لوائح العمل في الإدارة وغيرها من التفاصيل. وأضاف قائلاً إن كل ذلك تم شفهياً وب»أدب» وليس كما صوره بعضهم تحقيقاً، نافياً أن يمثل ذلك اتهاماً لإدارته بالفساد على عكس ما يوحيه.