مما لا شك فيه أن جميع الأنساق العالمية تسعى إلى تحقيق المثالية كرصيد ثقافي وفكري لمجتمعاتها؛ ذلك أن المثالية حالة من النضال التي يجاهد العقل في إيجادها وتثبيتها باعتبار هذا المفهوم يمثل الذهنية العقلية لكل فرد. وقد يتصادم هذا المفهوم مع الواقعية كثيرا ومع كثير من المذاهب الفكرية. ما يهمني هو ذلك العقل العربي المشوش تجاه المثالية التي ألصقت فيه كحاجة ضرورية لكي يتفوق على العالم، وهو على العكس تماما أي (المجتمع العربي) قد يكون بعيدا عن هذا المفهوم نتيجة للصراع السيكولوجي لدى كل فرد عربي وتعاليه على المفاهيم والأديان الأخرى. وهذا جزء يفرض بشكل أو بآخر عدم إيجاد صيغة مفردة خاصة بالمثالية بمفهومها الاصطلاحي الواسع. المثالية تتحقق بفعل الحق والخير والجمال كما قال بذلك المؤسس الحقيقي للمثالية الإيرلندي جورج باركلي، والتركيبة الذهنية للفرد العربي قد تكون خاملة نوعا ما تبعا لتوجهات مفاهيم التعليم المترهلة في كثير من تلك البلدان ومفاهيم الثقافة وتعاطيه معها. وتمثل القيم اللاأخلاقية وظاهرة الفساد المجتمعي والإداري، بالطبع هناك إشكالية تصور للمثالية تنطلق من الشعوب العربية التي تنضوي تحت مظلة الإسلام فهم يعتبرون الإسلام هو المثالية الوحيدة وما لا يقع تحت مظلة التيار الديني فهو خارج عن المثالية تماما. ومن هنا ينشأ الخطأ لدى عقلية الفرد العربي الذي عليه أن ينتبه لهذا التصور الضيق المبني على مفاهيم تكاد تكون منحازة لذاته.