محمد بن إبراهيم فايع لقد تمكن الملايين من مشاهدة المغامرالنمساوي «فيليكس «وهو يقفز من علو 39 ألف متر فوق سطح الأرض في قفزة تاريخية حبست أنفاس العالم الذي وقف مشدوها، وهو يصفق بحرارة عندما لامست قدماه الأرض بعد ثماني دقائق كانت هي زمن وصوله الأرض كاسرا خلالها حاجز الصوت، الدرس الذي يمكن لنا أن نستقيه من قفزة المغامر فيليكس، يجب أن يقدم لأولئك الذين سمحوا لليأس أن يسيطر عليهم، وسمحوا له أن يخيم على نفوسهم، ليتعلموا أنه لايأس مع الإرادة، وأن العزيمة حينما تصدق بداخل صاحبها ،فيمكن لأي إنسان أن يقهر المستحيل، وأن يذلل كل الصعاب بقوة تحديه كل المعوقات، ليصل إلى هدفه، وشيخ المعرّة أبو العلاء المعري قال : لايدرك الحاجات إلا نافذ ..إن عجزت قلاصه لم يعجز ولعلنا تابعنا ما أعقب قفزة فيليكس من «نكات «سطرها أصحابها ونجحوا في ترميزها، لكن من يتأمل الوجه الآخر لها، يدرك أنها تسخر من واقع الذين ارتهنوا إلى الدعة والكسل، وارتضوا بأن يكونوا في حياتهم عالة على الآخرين، وأن يعيشوا مع أحلام اليقظة والأماني، وترديد الأحلام، دون أن يجربوا خوض المستحيل، ولو بدأوا من الصفر، ليضعوا لأنفسهم مكانا في تاريخ حياتهم على الأقل، لحققوا ما يحلمون به، فيليكس قفز قفزة أدخلته التاريخ ،وحقق من ورائها ثلاثة أرقام قياسية، شعر معها برضا وهو يحقق ذاته وقدماه تلامس صحراء نيو مكسيكو، يمكن لكل واحد أن يحقق ذاته، ويخلد اسمه حينما يعلم بأنه قادر على قهر المستحيل كما قهره كثيرون، فكم من أصحاب المليارات اليوم لم يكونوا يملكون إلا قروشا والشيخ سليمان الراجحي أحد صناع النجاح من لاشيء في عالمنا اليوم، وآخرون فقدوا البصر خلدوا أسماءهم، فالشيخ ابن باز واحد من هؤلاء الذين بلغوا في العلم مداه، وطه حسين كان عميد الأدب العربي ولم يعقه فقدانه للبصر، وأديسون لم يوقفه الفشل لمئات المرات لينجح في آخر محاولاته في أن يضيء بمصباحه ظلام الدنيا، فكان الفشل معلما للنجاح كما يقال، وهيلين كيلر قاومت إعاقتها الثلاثية السمع والبصر والكلام، ومهند أبو دية لم يستسلم لقدره وهو يفقد البصر، وعمار بوقس حكاية أخرى في أن يصنع نجاحاته رغم قسوة الإعاقة وغيرهم كثير، لم يرضوا أن يجلسوا خلف قضبان اليأس، يشكون ويبكون، فلنقل شكرا يا فيليكس فقد دفقت جرعة من الحماس في قلوب أضناها اليأس، حتى يحققوا تطلعاتهم من خلال قفزتك، لكنها كانت قفزة كبيرة، وحقا ماقاله الشاعر أبو القاسم الشابي : ومن يتهيب صعود الجبال ..يعش أبد الدهر بين الحفر