لا أعرف كيف سيتماسك أهالي الخفجي أمام هيبة الموت وهم يشيعون ابنتهم، التي انفصل رأسها عن جسدها في حادث سير في الجارة الكويت وهي في طريق عودتها من عملها إلى منزلها، ولا أعرف كيف سيحملون النعش إلى مثواه الأخيرة في ناصية المحافظة، وكيف سيداوون جراح زميلاتها المتوجعات ألما في المستشفيات الكويتية؟ أتساءل: هل يقوون؟ هنالك مواقف عظيمة يصعب تحملها ومواجهتها حتى على غلاظ القلوب، لأن الفاجعة أكبر ولأن الجرح أعمق، ولأن الحزن بحجم الوطن، ليتحول حينها البكاء إلى نحيب ومواويل ألم. يبدو لي أن المزاج العام أصيب -أو يكاد يكون كذلك- بحالة من التبلد، حتى أصبح لا يستشعر بمعاناة الآخرين حتى تفتح مجالس العزاء، وحين يعرف حتى الزائرون على عجل أن كارثة وقعت، وأن رقما هوى، وحين يتبادل الأهالي مفردات المواساة. كارثة معلمات الخفجي ليست الأولى، وأبتهل إلى المولى أن تكون الأخيرة، لوقف نزيف دم المعلمات على الطرق المعبدة والترابية، لكن الدعاء وحده ليس كافيا، طالما أن هنالك جهات معنية ومسؤولة عجزت بقضها وقضيضها عن استيعاب المعلمات لديها، وضمهن إلى قطاع التعليم سواء في الاتجاهين الحكومي والأهلي، حيث يتعين على هذه الجهات إيجاد حلول حقيقية وتوفير مسارات توظيف مطمئنة تشعر من خلالها الموظفة بالأمان على حياتها من حوادث السيارات ومن وعثاء السفر، وكآبة المنظر. إن الصمت لا يعني بالضرورة القبول بالأمر، وعلى مسؤولي الوزارات المعنية تفهُّم أن قضية المعلمات السعوديات المغتربات في الكويت، يجب أن تنتهي مهما كانت الظروف، لأن المواطِنة أحق بالعمل في وطنها من غيرها، وهذا الملف يجب أن يغلق باستيعابهن في سوق العمل المحلي.. وليس بإغلاق القبور على الضحايا!!