اليمن واحدة من الدول التي استضافت رياح التغيير المتمثلة بالربيع العربي وكذلك هي الدولة الوحيدة التي انتهت ثورة التغيير فيها عن كل بقية الدول الأخرى باتفاق إقليمي، فالأزمة اليمنية انتهت بالتسامح مع النظام السابق، بصيغة صيغت وثيقتها في العاصمة السعودية الرياض، ولكن يبدو أن التسامح مع النظام السابق يولد رياحا تجري بما لايشتهي هادي! رياح شابت المرحلة الانتقالية التي تقبع بين ثنايا الحوثيين والقاعدة! بدأت المرحلة الانتقالية بقوة اندفاعية نحو تطهير الأراضي اليمنية من عناصر تنظيم القاعدة التي أخذت تتكاثر في العهد السابق لمطامع ومصالح شخصية وتحايل على الإدارة الأمريكية تحت مسمى مكافحة الإرهاب وهذه العملية التطهيرية أحدثت خسارة فادحة لتنظيم القاعدة بحسب تعبير الإدارة اليمنية، ولكن ما إن قاربت على النجاح حتى ارتخت الحبال وعادت الهجمات مرة أخرى ولكنها تختلف عن سابقها من حيث شدة التنفيذ ورسم الأهداف، وهذا إن دل فإنما يدل على أن عناصر تنظيم القاعدة لم تسقط بسبب الحملة الأمنية في الأشهر الأولى من عهد الرئيس هادي كما تقول الحكومة، بقدر ماهي كانت فرصة للاستعداد وإعادة ترتيب الحسابات والمخططات. القوة الاندفاعية وغير المعتادة في النظام السابق أسقطت الإدارة اليمنية الحالية في مشكلات عديدة نتجت عن توجيه جل التركيز على تنظيم القاعدة وإغفال الجماعة الحوثية، وهو ما جعل حكومة هادي عاجزة عن تطهير الأراضي اليمنية وتعاني من التشتت الذهني بسبب مساندة تنظيم القاعدة والجماعة الحوثية لبعضهما البعض دون سابق اتفاق. الجماعة الحوثية ومع انشغال الإدارة اليمنية بعناصر تنظيم القاعدة أخذت على عاتقها العمل وفق مخططات إيرانية تمثلت بإنشاء دولة لها في الأشهر السابقة! ولكن ما إن عجزت عن إنشاء هذه الدولة حتى أخذت على عاتقها مطالبات مشابهة لما حصل في السودان، أي المطالبة بالانفصال! يبدو أن التمكن الإيراني عن طريق الجماعة الحوثية مع عدم وجود مايعوق تحركات هذه الجماعة إضافة إلى عودة عناصر تنظيم القاعدة بهذه القوة، يدل على هشاشة المؤسسة العسكرية اليمنية التي لاتزال تسير وفق سياق النظام السابق وتتبلور معظم بنودها تحت مسمى تصفية الحسابات! ولاتستطيع مواصلة العمل لفترة طويلة علاوة على أنها لاتستطيع توجيه التركيز لكافة الأطراف! في ظل العجز العسكري ستشهد اليمن خلال الأشهر القادمة تغييرات جذرية يكون انفصالا عن بقية الأراضي اليمنية الذي ستتبناه الجماعة الحوثية بقوة هو سيد الموقف، علاوة على استقرار وتوسع لتنظيم القاعدة، حينها لن يكون أمام إدارة الرئيس هادي من أجل تفادي هذه التطورات سوى إعادة هيكلة القوة العسكرية لتصبح متينة ومترابطة.