عبدالله علي المسيان أتمنى لو قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية بتخصيص جزء من ميزانيتها السنوية والتي تقدر بالمليارات في تنفيذ المشاريع الإنمائية المفيدة والناجحة كمشروع التشجير مثلاً، كما يتم الصرف على مشاريع أخرى كمشاريع الأرصفة. وهنا لابدّ من التذكير بين الحين والآخر بالفوائد الهائلة التي تساهم بها زراعة الأشجار من الناحية البيئية كمساهمتها الفعّالة في تحسين المناخ من خلال امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأوكسجين في الهواء بالإضافة إلى كونها تبقى المنفذ الوحيد لتخليص المدن والقرى من الرياح الشديدة ومن الزحف الرملي الهائل والحد من التصحر القاتل ودورها في الإقلال من التلوث البيئي المدمر إضافةً إلى كون الشجرة مصدرا للظل والغذاء وربما لاحقاً الاستفادة من أخشابها للتدفئة والوقود، بالإضافة لما لزراعة الأشجار من أثر إيجابي ينعكس على النفس البشرية من خلال دورها في تنمية الشعور بالارتياح النفسي لدى الإنسان كما أنها تعطي مظهراً جمالياً للبلد ينعكس صورة إيجابية في أذهان كل الزوار والقادمين. ولقد كان الإسلام سباقاً في الحث على ضرورة الاهتمام والاعتناء بالشجرة غرساً وسقاءً لما لها من فؤائد بيئية واقتصادية وصحية ومناخية وجمالية كما حذر في المقابل من المساس بها أو الاعتداء عليها سواءً في السلم أوالحرب حتى أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان دائماً ما يوصي الجيوش الذاهبة لمقاتلة الأعداء بمجموعة من الوصايا منها عدم اقتطاع أي شجرة ودائماً أيضاً ما رغَّب الناس في غرس الأشجار، لاسيما الأشجار المثمرة فقال -عليه الصلاة والسلام-»ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة». بل إنه أمر بالغرس حتى في حال قيام الساعة فقال -عليه الصلاة والسلام- « إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» ولذا فأنا أدعو من خلال هذا المنبر الإعلامي وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى إطلاق حملة وطنية للتشجير الشامل، وأن تضع هذه الحملة ضمن أجندتها ومشاريعها المنفذة. ففي حين أن الفوائد الإيجابية لمشاريع الأرصفة محدودةُ جداً تبرز الحاجة الآن إلى اللجوء الفوري لمشروع التشجير في كل مدن وقرى المملكة من حائل شمالاً إلى جازان جنوباً ومن الأحساء شرقاً إلى جدة غرباً مع الأخذ في الحسبان أن تكون زراعة الأشجار في كل الأمكنة المتاحة بقدر الإمكان سواءً أكانت في الطرقات العامة أوفي الأزقة أوفي المباني الحكومية أوفي المدارس أوالمعاهد أوالكليات أوالمؤسسات والشركات أو بين المدن والقرى أوعلى الجبال والتلال والوديان وبالتالي سيؤدي ذلك حتماً إلى نتائج بيئية إيجابية متعددة أهمها الحد من الآثار السيئة للرياح والأتربة التي تهّب على أغلب مدن المملكة بين الحين والآخر. كذلك يجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في التشجير فالإمارات مثلاً وبفضل اتباع سياسة التشجير تحوَّلت من بيئة صحراوية قاحلة إلى بيئة خضراء، كما أن لبنان كان له تجربة مع التشجير عبر جهود إحدى الجمعيات الأهلية التي قامت بزراعة مليون شجرة، رغم أن هذا الرقم يُعد كبيراً في بلد مساحته صغيرة مثل لبنان.