يوسف بن عقلا المرشد – عميد السنة التحضيرية في جامعة الجوف في حياة وتاريخ الشعوب أيامٌ لا تُنسى محفورة في قلوب أبنائها تؤثر فيهم طوال حياتهم في هذه الدنيا لما صنعته أحداثها فيهم من أثار لا يمحوها الزمن مهما طالت أيامه، ودائماً يتذكرونها ليستلهموا منها العبر والدروس التي تجعلهم يستنهضون الهمم ويقوون العزائم مجسدين بها ملحمة مسيرة طويلة من البذل والعطاء من أجل بناء نهضة شاملة تقوم دعائمها على أسس من التخطيط السليم وبسط العدل والأمن الشامل في ربوع مملكتنا الحبيبة.. ويتذكرون بطولات أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وخلفوا من بعدهم رجالاً بررة حملوا الأمانة ومشاعل النهضة. إن احتفال أبناء المملكة قاطبة حكومة وشعباً بهذا اليوم المجيد الأغر لهو استذكار لعطاء الأجداد، واستحضار للماضي المضيء. نقف لنتذكر ما سجله التاريخ لمولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة والشرف التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- على مدى 32 عاماً، بعد أن استطاع ورجاله المخلصون استرداد مدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في 5/10/1319ه الموافق 15 يناير 1902م. وبعد ذلك صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية في 17/5/1351ه، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23/9/1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية. أعوام وأعوام مملوءة بالإنجازات والإبداعات على أرض بلادنا الحبيبة تملأ نفوسنا ونفوس أبنائنا فخراً واعتزازاً عندما نقرأ ونسمع عنها ونرى علم بلادنا يرفرف في سمائها معلناً وحدتها دافعاً أبناءها للغوص في أعماق تاريخها لمعرفة ما تكبده أجدادهم بقيادة صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ليجمع كلمتها ويوحّد صفوفها ويُعلي رايتها.إننا نقف لنوجه تحية حب وإعجاب وتقدير للفارس المؤسس في ذكرى بطولاته، لنحتفل بيوم ودّعت فيه بلادنا عهوداً مضت من الجهل والتخلف والتشتت والضياع، لتقف اليوم بين دول العالم المتقدم معلنةً عن امتلاكها مفاتيح أبواب التقدم والتحضر والرقي، بفضل ما غرسه الفارس المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من البزور الطيبة ورعاية أبنائه الكرام من بعده هذه البزور، ما كان له بالغ الأثر في جعل المملكة العربية السعودية مثالاً يُحتذى ونبراساً يُقتدى به في التطور والنمو في مختلف الميادين العلمية والاقتصادية والثقافية والحضارية، رافعين كتاب الله فوق رؤوسهم، وسائرين على دروب أجدادهم وآبائهم وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، ملتزمين بما قطعوه على أنفسهم من العهود تجاه وطنهم الغالي، يؤثرون الأفعال على الأقوال، محققين له ولأبنائه الإنجازات الرائعة، لكي ينعم وطننا بالأمن والرفاهية والاستقرار. نقف لنتذكر نعم الله على بلادنا الحبيبة بأن جعل الفارس المؤسس -رحمه الله- يقود البلاد بحنكته السياسية ورؤيته الاستراتيجية العميقة ويبني كياناً متماسكاً ومتناغماً قادراً على أن يفي بتطلعاته، وآمال شعبه، حيث أدرك -رحمه الله- أن تحقيق التنمية يشكل عاملاً حاسماً في التطور والنماء، فجعل السياسة في خدمة الاقتصاد وأرسى بذلك التوجه قاعدة سار على نهجها أبناؤه الملوك من بعده لتشكيل أكبر اقتصاد عربي في الوقت الحاضر، فتضافرت الجهود قيادة وشعباً تتحدى الصعاب والعقبات، لرسم معالم حضارية لبلادنا تجمع بين عظمة الماضي وروعة الحاضر، وتتهيأ للمستقبل بتطلعات واعدة واثقة. في ظل قادة سموهم من سمو بلادهم ورفيع مكانتها وخصوصيتها. واستمراراً لمسيرة الخير والنماء.. ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود –يحفظه الله– مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية وبايعه شعبه الأبي على الولاء والوفاء.. فكان هذا العهد انطلاقة خير جديدة، وانطلاقة حب عميق بين القائد وشعبه، وانطلاقة نحو تأكيد معاني الولاء والانتماء والوفاء وروح الجماعة ووحدة الصف، وكذلك انطلاقة نحو التنمية المستدامة والتقدم والرخاء، لتصبح المملكة دولة عصرّية متكاملة الإمكانات والمؤسسات، فقد شهدت المملكة في عهده -حفظه الله- قفزات حضارية لا مثيل لها في جميع المجالات، وحققت المملكة في فترة وجيزة ما حققته دول كثيرة في مئات السنين، في المجال الاقتصادي والتعليمي والصناعي والأمني، واستطاعت أن توجِد لها مكاناً بين الدول المتقدمة أصبحت بها مضرب الأمثال في محيطها الإقليمي في الاستقرار والرخاء والتنمية وترسية دعائم الأمن الوطني والاستقرار السياسي الذي أدى إلى تحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق. إن الإنسان السعودي قد حظي في عهده -حفظه الله- باهتمام كبير من أجل الارتقاء به، وأعطى جُل اهتمامه لتعليمه والسعي نحو تأهيله وتدريبه في مختلف المجالات، فكان التوسع الكبير في قطاع التعليم بجميع مستوياته، وبسط التعليم الأساسي في جميع أرجاء المملكة، والاهتمام بالتعليم العالي، فكانت الجامعات العملاقة والمؤسسات التعليمية المتخصصة، حيث نمت أعداد الجامعات إلى ما يزيد على الضعف، وبرامج الابتعاث الخارجي التي استفاد منها آلاف الطلاب والطالبات، حيث بلغ عدد المبتعثين في البرنامج إلى حوالي 140 ألف مبتعث ومبتعثة، يتلقون تعليمهم في حوالي ثلاثين دولة في أرقى الجامعات العالمية المرموقة والمتميزة علمياً في تخصصات علمية متميزة. وتعدّ جامعة الجوف، ذلك المنجز العلمي البحثي، نموذجاً وشاهداً على اهتمامه -حفظه الله- بها ودعمها بما يساعدها على تهيئة عديد من الكليات التي تقدم لأبنائنا وبناتنا مختلف العلوم وتوفر لهم المكتبات العلمية بما تحتويه من دراسات متقدمة في جميع المجالات العلمية المتخصصة والتكنولوجيا، والتجهيزات الحديثة.