طوال فترة سابقة، من حياتي المتواضعة، انجرفت بي الميول الأدبية، نحو مجتمع العمل الثقافي المحلي، دون تردد في البدء أو حذر. عملت خلال إحدى الجهات الثقافية، لأكثر من ستة أعوام متواصلة، واكتسبت تجربة جيدة في هذا الشأن، كما خسرت شيئاً كثيراً في المقابل. واليوم، على مرتفع بعيد من هذه التجربة، أقف بعد أن هدأت النفس، لتقييم لحظات طويلة، ولاستعادة ضبط المصنع «بصورة طريفة» في ذاتي. ففي مقابل كل صداقة خرجت بها من خلال العمل الثقافي، هناك أعداء بدون أدنى ضرورة أو سبب يستحق، أدرجتهم وأدرجوني على قائمة الحياة. أتدبر مؤخراً في تعقيدات الوسط الثقافي المحلي، وكثير من قضاياه وأشخاصه. في عوائد كل شيء، حتى المتعة من وراء ذلك. وأجد أن الخسارة أعلى من المكاسب. والتعطيل عن المضي للأمام في تجربتك الأدبية مثلاً أبرز فائدة تخرج بها. أن تكتب بمنأى عن العالم، ذلك هاجس حقيقي يجب أن يكون. أن تنتج نصاً جيداً أو عملاً متقنا ذلك الهدف الذي يوازي عمل وزير دون مبالغة. أكن كل الاحترام، إلى المبدعين المستقلين، الذين يتذوقون حلاوة الإيمان بذواتهم وبمشروعاتهم وبأفكارهم. والذين اختاروا العزلة أمام إغراءات ملحة للعمل الثقافي المؤسساتي هنا أو هناك. أن تفتح نافذتك الإلكترونية على أماكن مختارة وحيوات مقصودة من داخل غرفتك القصية عن هذا العالم، ذلك وعي صائب تماماً، واندفاعاته في محلها دوماً. أن تبني علاقة صداقة مع شخصية سينمائية أو روائية أو قصصية أقل ضرراً بكل تأكيد من علاقة مع شاعر أو كاتب أو صحفي في وسطنا الثقافي. أن تنجو بذائقتك وبمحاولاتك الجادة في تقويم أخلاقك، من هذا الانجراف، هو المكسب الممتع للأبد. حذار صدقاً: أخي المبدع المبتدئ أو القارئ المتحمس للتعرف على الثقافة والمثقفين والعمل الثقافي عموماً. وبالتحديد في صوره التقليدية. «أعتذرُ عما فعلت» بنفسي، ومنذ هذا المقال سأهتم بقصيدة عظيمة وبضمادة الفن على هذه الحياة.