العميد عبدالعزيز أبوحيمد أوضح عدد من المسؤولين والاختصاصيين والباحثين، أن المجتمع السعودي وشبابه يفتقد تماماً لثقافة الفرح والاحتفال في مختلف المناسبات الوطنية، حيث أن السلوكيات السلبية هي المسيطرة في الغالب على المشهد الاحتفالي لمختلف المناسبات في المملكة، موجهين لومهم الشديد على التنشئة الضعيفة من قبل مدارسهم، إضافة إلى إهمال أهاليهم وضعف توجيههم وتربيتهم التربية السليمة، واتفقوا جميعاً على ضعف دور المجتمع في توفير أماكن احتفال كافية لاحتواء الشباب في المناسبات الاحتفالية، مما أدى لانتكاس الوضع الحاصل من تصرفات وسلوكيات الشباب تحت مرأى الأعين والمارة في الطرقات وشوارع المدن الرئيسية. بداية وجه مسؤول حوادث مرور الرياض المقدم خالد أبوحيمد، انتقاداً شديداً على تصرفات وسلوكيات الشباب المحتفلين مؤخراً باليوم الوطني في الرياض، التي ظهرت بصورة سيئة للغاية انعكست سلباً على طبيعة وخصوصية المجتمع السعودي، مؤكداً خلال حديثه ل»الشرق»: أن مرور الرياض خالف 53 شابا بسبب السرعة والتهور وتظليل المركبات واستعمال المركبة بطرق همجية أدت للإخلال بآداب السير في طرقات العاصمة الرياض، إضافة إلى إيقاف قرابة 451 مركبة في حجز وادي لبن بسبب عرقلة الحركة المرورية، مشيراً إلى أن سوء استخدام الشباب لمركباتهم أدى لحدوث 592 حادثا خلال اليوم الوطني فقط، وأكد أن ثقافة الاحتفال سيئة للغاية، حيث إن تصرفات الشباب خرجت عن المألوف، لافتاً أن مرور الرياض تعامل معها بحزم دون أي تهاون، نتيجة تجاوز عديد من الشباب للأنظمة والقوانين، وعن مبررات مثل هذه التصرفات، قال أبوحيمد: إن عدم تخصيص أماكن كافية لاحتفالات الشباب مثل الملاعب الكبيرة للشباب وللعوائل للاحتفال بصورة حضارية، أدى لحدوث تلك الظواهر السيئة في شوارع مدينة الرياض. د.عبدالله الحريري بدوره، قال أستاذ علم النفس الإكلينيكي (العلاج النفسي السلوكي – المعرفي)، الدكتور عبدالله الحريري، إن ثقافة الاحتفال ينبغي أن تبدأ من الأسرة، مشيراً أن معظم الأسر السعودية تفتقد ثقافة الاحتفال لمختلف المناسبات، مبيناً أن معظم الدول الخليجية والعربية والأجنبية تقيم بشكل متسمر احتفالات وكرنفالات لمواطنيها، لكن لا تظهر مثل تصرفات أبنائنا خلال الاحتفالات التي تقام في وطننا، وأضاف: ما حصل وقد يحصل أيضاً مستقبلا من تصرفات وسلوكيات شبابنا نتيجة سلوك غير سوي ودون أي تهذيب»، لافتاً إلى أن الجانب الآخر من طبيعة ثقافة الاحتفال لدينا تعطي مؤشراً سلبياً عن طريقة التعبير بالفرح، مما يدل أن لدينا نقص في المهارات الاجتماعية لكثير من الشباب، بسبب فقدهم لتوكيد الذات، مما يؤدي لممارسات خاطئة وعدوان ضد حقوق الآخرين، وأضاف: هذه إحدى الدلالات الأساسية على أن لدينا نقص في المهارات الاجتماعية، لأنهم لم يتعلموا ولم يكتسبوها لا عن طريق أسرهم ولا من مدراسهم»، وقال: إن الأسرة تتحمل دوراً كبيراً في هذه العملية لأن عامل التربية هو المحك في هذا الموضوع، وبالتالي فالإنسان لابد أن يتربى بطريقة مهذبة واحترام حقوق الآخر عند فرحه وسروره. وأبان الحريري أن المملكة تعد من أقل الدول في إقامة الاحتفالات لمواطنيها، بينما الدول الأخرى لديها احتفالات على مدار السنة، مما يجعل هذا الأمر عاملاً أساسياً لفقد ثقافة الاحتفال، مؤكداً أن الشباب لديهم انفصام بينهم وبين أسرهم، حيث أن الأسرة تجهل ما يقوم به الشاب خارج إطار المنزل، مما يجعل الشاب يعبر خارج أسوار المنزل بطرق مشينة لا تمت لأسرته بصلة. ووصف الحريري، مجمل ما قام به الشباب في اليوم الوطنين بالتعبير العدواني الذي تختلف درجاته لكل شخص على حدة، من تخريب الممتلكات إلى أسلوب التعبير اللفظي السيئ، وعن دور علم الاجتماع وعلم النفس لمعالجة هذه الظواهر، بين الحريري أن تلك العلوم بينت أسباب تلك الظواهر، وعلاجها يتمحور حول برامج للتدريب حول العلاقات الاجتماعية، ومهارات تأكيد الذات، وضبط المشاعر والغضب، ومن الممكن أن توجه عن طريق المعلمين في الفصول الدراسية منذ الصغر. وعن دور المجتمع لخلق بيئة حضارية لاحتفالات الشباب، أكد الحريري مسؤولية المجتمع أيضاً في عملية تنظيم فرح الشباب لمختلف المناسبات، قائلاً: ينبغي توفير أمكان مخصصة لاحتفالات الشباب والعوائل، حيث أن جميع المشكلات التي حدثت في اليوم الوطني كانت في طرق مدينة الرياض الرئيسية، وفيما لو وفرت أماكن كافية لاحتفالات الشباب لما شاهدنا تواجدهم في الشوارع، مبيناً أن الاحتفال هو جزء من سلوك وحياة الإنسان الطبيعية، وأمر ضروري بكل الأحوال لحياة المواطن ومكافأة للنفس، لافتاً إلى أن المجتمع السعودي سيتعلم مع مرور الأيام، فالاحتفالات ظهرت منذ العصور القديمة. من جهته، قال الباحث الاجتماعي بمستشفى الملك فيصل التخصصي، شجاع القحطاني، إن المنظور الاجتماعي لطبيعة الشباب والمراهقين يغلب عليها طابع حب الخروج عن النص وحب الخروج عن القانون والتمرد، حيث أنها ستكون طبيعتهم في كل زمان ومكان وفي كل بلد من بلدان العالم، موضحاً أن مختلف الأحداث التي حدثت في اليوم الوطني تعتبر طبيعية بحكم مرحلة «المراهقة» التي يمرون بها الشباب، وأضاف: مع هذا فنحن نفتقد لثقافة الاحتفال فعلاً بالمناسبات الوطنية، حيث أنها ثقافة يجب أن تزرع منذ الصغر، ويجب أيضاً على المجتمع أن يهيئ أفراده لتقبل مثل هذه الاحتفالات والمناسبات، وعلى مؤسسات المجتمع أيضاً أن تقوم بحملات توعوية قبل يوم الاحتفال بمدة كافية كي يستوعب المواطن كيفية الاحتفال بهذا اليوم . وتساءل القحطاني عن المانع للأسر السعودية بحفظ أبنائها بعيداً عن الشوارع من خلال الاجتماع معهم ومشاركتهم الفرحة بعيداً عن التخريب والتكسير وإيذاء البشرية.فيما برر القحطاني سبب هذه تصرفات الشباب المسيئة الحاصلة مؤخراً، لعدم توفر أماكن خاصة للشباب للتعبير على الفرح، حيث لم يجد الشباب مأوى لهم غير الشارع للاحتفال، وقال: « كان من الضروري تخصيص استاد الملك فهد الدولي واستاد ملعب الملز لإقامة الاحتفالات فيها، وما المانع أيضاًَ من إقامة المباريات الرياضية المتنوعة لجذب الشباب لها وكفهم عن الذهاب للشارع؟». ووجه القحطاني أيضاً انتقاده لاتحاد الكرة السعودي، بعدم تخصيص تلك المباريات سواء مباريات من الأندية أو المنتخب السعودي لمشاركتهم في احتفالية اليوم الوطني وجذب الشباب لهم لمتابعتهم. كما انتقد القحطاني بنفس الوقت دور الأسرة في عملية توعية الأبناء، وتحريصهم على مجانبة مثل هذه التصرفات المشينة للمجتمع بشكل عام، حيث أن دورها مهم في توعية الأبناء وإرشادهم نحو الطرق المهذبة والسليمة في الاحتفال وغيره.