تتجدد الإساءة للإسلام للمرة الثانية في أقل من أسبوع، وهذه المرة تصدر الإساءة من مجلة فرنسية عَمِدت قبل نحو عام إلى نفس الفعل، وهي مجلة »شارلي إبدو». إذاً، يبدو أن الإساءة لمعتقدات المسلمين لن تتوقف في ظل إصرار مجموعات وكيانات و»مثقفين» على الاحتماء بمظلة حرية التعبير واستغلالها لتشويه الإسلام والمس بمعتقدات معتنقيه في إخلالٍ صارخ بمبادئ منع ازدراء الأديان واحترام الحوار بين أتباعها. وكما يقول شيخ الأزهر أحمد الطيب، فإن تكرار الإساءة يعكس اختيار مجموعة من المثقفين الغربيين طريق الصراع مع المسلمين بدلاً عن التفاهم وناصبوا الإسلام العداء، ما يعني أن حملة التشويه قد تتواصل، خصوصاً في ظل صمتٍ من قِبَل الحكومات الغربية وقوى المجتمع الدولي، التي اكتفت بالتنديد وامتنعت عن دعم دعوة أصوات عربية وإسلامية لاستصدار تشريع أممي يحظر استغلال مبادئ حرية الفكر والتعبير في المس بالأديان وازدراء المعتقدات. لذا من المتوقع أن يستمر غضب المسلمين مما تتعرض له عقيدتهم، وهو غضبٌ شهدنا كيف أنه تطور في بعض الدول إلى أعمال عنف نتيجة عدم ترشيده، وقد لا يتكرر العنف هذه المرة بعد أن شددت كل المرجعيات الدينية على ضرورة ضبط رد الفعل، لكن الثابت أن الاحتقان مازال في الصدور، إذ يسأل المسلمون في كل مكان «لماذا هذا الإصرار العجيب على تشويه ديننا؟ ولماذا يتعمدون استفزازنا؟». في الواقع، يتطلب الأمر تحركاً فاعلاً من العالم الإسلامي لاتخاذ موقف جماعي يوقف هذه الاساءات التي ثبتَ تأثيرها السلبي على مشاعر المسلمين وعلى علاقاتهم مع الآخر، وهنا تقع المسؤولية على الحكومات في الدول الإسلامية، إذ تبدو مُطالَبة برفع مستوى التنسيق فيما بينها لصد هذا العدوان الغاشم على أن يتم هذا التحرك من خلال الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وصولاً إلى الأممالمتحدة. ولا يتعلق الأمر بالحكومات فقط، فمنظمات وروابط المجتمع المدني في العالم الإسلامي عليها مسؤولية كبيرة بما تملكه من أدوات تواصل مع الغرب، وهي قادرة على إيصال رسالة واضحة مفادها أن انتقاد المسلمين أنفسهم فيما يتعلق برد فعل بعضهم العنيف تجاه المصالح الغربية وميلهم في العموم إلى السلم، لا يبرر أبداً أن تُستباح معتقداتهم وتتحول إلى مادة سخرية على صفحات مجلات وصحف يبدو أنها لا تريد تفهم ما لحرية التعبير من ضوابط عند المسلمين.