العلاقةُ بين عاشق ومعشوق لا تحكمها مُدد زمنية، ولا تؤطرها حدود مكانية، ولا تستدعي مواصفات ومقاييس علمية، علاقةٌ مشوبةٌ بالرضا والغضب، مسكونة بالثقة والارتياب، مهيأة للاطمئنان والقلق، مُداورة بين الماديات والميتافيزيقيات، والتراتبات المنطقية والتناقضات الحدّية، علاقة شديدة الوضوح قدر ما هي مغرقة في الالتباس، مجازية بكل معطياتها وإشاراتها ورموزها، وحقيقية مهما طغى عليها من فتور أو بلادة، عنوانها حميميّة العشرة، ونقاء الفطرة، وذكاء الفكرة، وإن نظر العشاق إلى بعضهم من زوايا مستقيمة أو منفرجة أو حادة فالعشقُ ليس شعارات يُستثار بها الغوغاء، ولا حركات يؤديها أراجوزات لإثارة انتباه المعجبين والمعجبات، العشق ليس جبهات ولاء لأفراد، بل منظومة انتماء لموطن، العشق ليس بالإفراط في إسداء النصح لمعشوق لا مبالٍ، فالعشق النقي يحيا في فضاء حر يُمكّن أطراف العلاقة من قول ما شاءوا، أعوامٌ مضتْ ليست كالأعوام تراوح بين تسارع ورتابة، تجتوينا خلالها رياح اليأس وتهب أحياناً نسائم أمل، ربما من مفارقات العشق أنه لا يقوم على التكافؤ، وكل حراك تحت مظلة العشق ليس مهارة ولا قوة بقدر استشعار العاشق أن المعشوق مؤمن به، العشق إقرارٌ اختياري لا يحتاج سُلطة محققين لانتزاع الاعتراف، عفوية تعامل لا تحتمل كثيراً من التحذيرات والوصايا، شفافية قلوب تخرج عن المألوف وتستعصي على الترويض، ولا شيء يُفسد العشق أكثر من دوامات النقد، وتعمّد إثارة قطبي العلاقة بما لا يحتمل، أعترف هنا لمعشوقي أنه انتزعني من عوالم بسيطة، وأنساني الاعتناء بحقلي الصغير، وأراحني من مطاردة أغنامي بين الأودية وعلى سفوح الجبال، حقق لي طمأنينة لا شك أنها الأثمن، وسدّ حداً من احتياجي، وبدد ما توارثته من مخاوف أسلافي، أعلاها خوف قطع اللسان، التحقتُ بركب التعلم فلم يحرمني، وطرقتُ باب التوظيف فقبلني، وأثق أني لستُ وحدي من يعشقه، إلا أن لكل طريقة عشق خاصة، ومن العسير أن تبرمج الخلق على طريقة واحدة، إلا أن العشق بمفرده لا يكفي فالأهم منه الاحترام لمساحة جغرافية تحترم حرية تفكيري، وتؤمن صفحات لتعبيري، وبما أن كل شيء قابل للتطور، فإني سأحاول تطوير عشقي بإضافة الاحترام إلى العشق من خلال وفائي لبلادي، وترسيخ هوية الانتماء في أولادي وأحفادي، فكل عام يمر يستوقفنا على الضفاف لنستشرف كامناً في أعماقك تحاول البوح به ليل نهار ونحن لا نمل الانتظار ولن نصفك ب(الختيار) فشبابك متجدد وصحتنا الأخلاقية معك في نمو، وربما بدأتَ تستشعر هذا النمو فرفعتَ السقف قليلاً واشترطت على المخلصين البعد عن ترويج المفاهيم الخاطئة، والعبارات المستثيرة، في عيدك الثاني والثمانين أجددُ عشقي، وأبارك انتمائي، وأعترف أنك تحتويني بجهاتك السبع، الشرق والغرب والشمال والجنوب والأرض والسماء وجهة القلب.