قال أستاذ اللغة العربية في جامعة الملك سعود، الدكتور مرزوق بن تنباك، في لقاء «حوار العامية»، الذي نظمه النادي الأدبي بالرياض، مساء أمس الأول في مقره، إن مرحلة تمجيد «العامية» انتهت، وأن الاهتمام بها بدأ يتوارى، مستشهداً بتخلي الصحف عن الملاحق والصفحات الشعبية. وأضاف بن تنباك، خلال اللقاء الذي شارك فيه إلى جانب الدكتور عوض القوزي، وأداره الدكتور محمد الهدلق: «قبل ثلاثين سنة، كانت هناك موجة نحو العامية، وكان هناك جدل بين الفصحى والعامية، ولا يزال مستمراً، إلا أنه انخفض، وكان هناك نشاط فكري ودعوة للعامية على أنها تأصيل للعادات والتقاليد، وأنها مصدر تاريخي وثقافي»، مؤكدا أن اللغة العامية ستستمر، ولكن بشكل متجدد مع الأجيال، فكل جيل له «عاميته»، والتاريخ لن يذكر إلا ما دُوِّن منها. وعن مواجهة هذه الأزمة، قال «الحل سياسي، وأي لغة في الدنيا تقوم على مبدأ سياسي، والموقف الذي وقفه عمر، ومن بعده، من قريش، كان فيه تعصب للغتهم، وهذا ما جمع العرب على لغة واحدة إلى يومنا هذا. نحتاج إلى موقف وقرار سياسي». وعزا أستاذ اللغة في جامعة الملك سعود، الدكتور عوض القوزي، عدم وجود الفصحى إلا عند الأعاجم، لكونهم يتعلمون صفاً واحداً من اللغة، كما حمل الإعلام مسؤولية تعليم الناس اللغة الفصحى، حيث قال «نحن ننتظر من الإعلام، خاصة المرئي والمسموع، أن يعلم الناس كيف يرتقون بلغتهم لتقترب من الفصحى، فنحن لا نطلب من الجميع أن يتكلموا الفصحى، لكن الإعلام لم يعلم الناس اللغة العربية الفصحى البسيطة، فهو الذي هجن هذه اللغات». ورداً على تساؤلات الحضور حول أسباب حصول المحاضرين على شهادة الدكتوراة في اللغة العربية من الغرب، أكدا أنهما لم يذهبا لتعلم اللغة، بل ليتعلما المنهج البحثي المتجرد من العاطفة، الذي يجعل الإنسان يصل إلى ما يريد في العلوم الإنسانية، وأنه لا يتم التسليم بشيء إلا بعد النظر إليه من وجهة النظر الأخرى، مؤكدين أنهم لا يزالان يصران على ابتعاث أبنائهما إلى الغرب. وطالب الشاعر صالح العمري بتضافر الجهود لإحياء اللغة، معللاً ذلك بالانتقال الذي شهده المجتمع الخليجي من مرحلة تبني العامية في المجتمع الخليجي إلى العدائية للغة العربية. فيما أشار الكاتب الصحفي محمد السحيمي إلى مأزق تاريخي بسبب تقديس اللغة الفصحى، حيث قال: نحن أمام مأزق تاريخي إذا اعتبرنا اللغة كما يراها ديكارت «الفكر منطوقاً». نحن بتحنيطنا الفصحى على أنها مستوى راقٍ، وعالم لا ترتقي إليه بقية المستويات من اللغة، فنحن هنا حنطنا الفكر، وهذا يفسر أنه ليس لدينا نظريات للفكر وللفلسفة». ولم تبدِ الدكتورة وسمية المنصور تخوفاً من اللغة، بل أكدت أن الخطورة اليوم بين التمازج العجيب بين اللغات، والترقيع بين الأجنبية والعربية، مطالبة بعدم إغماض العين عن الاستعمالات اللغوية التي فرضها العصر، أو ما أسمتها ب «لغة العربئيزي».